أكد العضو السابق في المجلس الدستوري محمد فادن استحالة تطبيق المادة 88 من الدستور مثلما ينادي به البعض لأساب قانونية أولا تتعلّق بشكل خاص بالتناقضات الموجودة في هذه المادة التي قال إنها منقولة عن المادة 7 في الدستور الفرنسي، وثانيا لأسباب موضوعية وهي أن رئيس الجمهورية في النظام الجزائري عبارة عن مؤسسة وهي على غرار باقي مؤسسات الدولية تسير بشكل عادي. حسب النائب الأسبق في المجلس الشعبي الوطني والمختص في القانون الدستوري محمد فادن فإن المادة 88 من الدستور الساري من بين المواد التي كانت محلّ انتقاد من قبل المختصين الذين دعوا إلى إعادة النظر فيها في التعديل الدستوري الجاري لعدة اعتبارات أكاديمية وسياسية، موضحا بالقول "إن المادة 88 وهي المادة الأطول في الدستور الجزائري والتي تقع فيما يقارب الصفحة ونصف الصفحة تتضمن العديد من التناقضات وهو ما يجعل مسألة تطبيقها في حكم المستحيل" في تعليقه على دعوات بعض السياسيين الذين راحوا يهوّلون من الوعكة الصحية لرئيس الجمهورية قبل أيام ويطالبون بإعلان حالة شغور منصب رئيس الجمهورية. وفي توضحيه للتناقضات التي تتضمنها المادة 88 من الدستور، أشار محدّثنا إلى الحالة الأولى التي يستحيل فيها على رئيس الجمهورية حسب المادة الآنفة الذكر مزاولة مهامه بسبب المرض المزمن، وتوقف عند مصطلح "المرض المزمن" قائلا "إن هناك من الأمراض ما يصنف في خانة المزمن ولا يمنع صاحبه من مزاولة العمل والنشاط بشكل عادي على غرار مرض السكري"، بينما من الأمراض الأخرى التي لا تعتبر مزمنة لكنها تقود صاحبها إلى العجز عن العمل يضيف الدكتور فادن معتبرا أنه من الخطأ الربط بين قدرة الرئيس على أداء مهامه بشكل عادي والمرض المزمن. وفي سياق موصول، تطرق العضو الأسبق في المجلس الدستوري إلى ما تذهب إليه المادة نفسها وفي فقرتها الأولى بضرورة اجتماع المجلس الدستوري وجوبا ليتثبت من حقيقة هذا المانع ليقترح على البرلمان التصريح بثبوت المانع بأغلبية الأصوات أي الثلثين، قائلا" إن المادة من جهة تتحدث عن إجماع من أعضاء المجلس الدستوري للتثبت من المانع وهذا "التثبت" يفترض أن يكون من خلال شهادة طبية ثم ومن جهة أخرى وفي الفقرة نفسها تنص المادة على أن المجلس الدستوري يقترح على البرلمان بغرفتيه التصويت بثلثي أعضائه للتصريح بثبوت المانع"، واصفا هذا التناقض بالغريب جدا متسائلا "وماذا يحدث إذا كانت الشهادة الطبية تؤكد المانع بينما البرلمان يرفض التصريح بهذا المانع؟" هذا يعني من وجهة نظر المصدر نفسه أن الشهادة الطبية في هذه الحالة ليست لها قيمة كما أن الجهة التي تصدر الشهادة الطبية غير محددة في المادة وهو ما يقود إلى القول "إن المادة 88 يستحيل الأخذ بها" يؤكد الدكتور فادن. كما توقف محدّثنا عند مدة الشغور التي تنص عليها المادة 88 وهي 45 يوما في حالة المرض و60 يوما في الاستقالة، مشيرا إلى أنه لا يوجد معيار موضوعي للشغور في هذه المادة التي تحيل إلى فرضيات عديدة لمسألتي المانع والشغور، مشددا على أنه من المستحيل تفعيل هذه المادة من الناحية الأكاديمية لما تتضمنه من تناقضات واختلالات تصل إلى درجة توصيف المادة بأنها معقدة وغير منطقية، كما أنه من المستحيل أيضا تطبيقها حسب محدّثنا من الناحية السياسية لأن الذين يطالبون بتفعيل المادة 88 يتحدثون عن الرئيس كشخص عادي يتعرض للمرض ويتعافى بينما رئيس الجمهورية في النظام الجزائري هو مؤسسة على غرار بقية مؤسسات الدولة، متسائلا في هذا الإطار "هل مؤسساتنا متوقفة؟ كلا، رئاسة الجمهورية، ، البرلمان كلها تسير بشكل عادي. وأرجع محدّثنا هذا التعقيد والاختلال والتناقض الموجود في المادة 88 من الدستور إلى أنها منقولة بشكل حرفي عن المادة 7 من الدستور الفرنسي فمن غير المنطقي تطبيقها في غير بيئتها فالنظام الجزائري مختلف عن النظام الفرنسي، فضلا عن أن المادة السابعة من الدستور الفرنسي تمنح صلاحية إخطار المجلس الدستوري في حالة وجود مانع ما للحكومة وهو ما لا يوجد في المادة 88 من الدستور الجزائري. وتجدر الإشارة إلى أن عديد من القانونيين من استهجن واستغرب التهويل الذي يتعمده بعض السياسيين للوعكة الصحية لرئيس الجمهورية ومطالب تفعيل المادة 88 من الدستور ومنهم من استشهد بحادثة مرض الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك في 2005، حيث ركن للراحة لمدة بعد أن خضع لعملية جراحية في مستشفى فال دو غراس لمعالجة مشكلة في الأوعية الدموية تسببت له في اضطراب في الرؤية، إلا أن الفرنسيين لم يهولوا القضية كمالم يطالب الساسة الفرنسيون بتطبيق المادة 7 من الدستور الفرنسي أو عزل الرئيس.