طالب خبراء في القانون الدستوري بضرورة تعزيز صلاحيات الوزير الأوّل في التعديل المرتقب للدستور حتى يكون مسؤولا على البرنامج الذي يُشرف على تنفيذه، كما طرحوا مسألة إعادة تفعيل الرقابة البرلمانية وإدراج بنود جديدة تنهي سلطة الإدارة على المواطن، وبرأيهم فإن مسألة طبيعة النظام المناسب للجزائر في المرحلة المقبلة "ليست مهمة" بقدر ما يهم "احترام قواعد الممارسة الديمقراطية". في اعتقاد الدكتور بوحنية قوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة ورقلة، فإن مدة 50 سنة من عمر دولة "غير كافية لترسيخ الدساتير"، واستفاض في شرحه تفاصيل من الدستور الحالي وتشخيص بعض العيوب فيه التي تستوجب إعادة النظر، وقال في هذا الصدد: "يجب التأكيد على أن الدستور الحالي جزائري خالص فيما يتعلق بطبيعة نظام الحكم، فهناك من يسمه نظام رئاسي متشدّد ومن يصفه بنظام رئاسوي وهناك من يعتبره نظاما رئاسيا وفقط". واستطرد الدكتور بوحنية ردّا على الأوساط التي تتساءل حول طبيعة النظام السياسي الأصلح في الجزائر خلال المرحلة المقبلة، حيث جاء على لسانه أن "النظام الأصلح هو أن يكون الدستور ديمقراطيا حتى لا نلجأ في كل مرة إلى إصلاح الإصلاح"، ولفت في ذات الوقت إلى أنه بحكم الدستور الحالي فإن "رئيس الجمهورية هو مفتاح النظام من خلال توليه 12 صلاحية زيادة على 9 وظائف متعلقة بالتعيينات"، متحدّثا كذلك عن 5 صلاحيات الوزير الأوّل الذي أوضح أنه "هو المجسّد للإرادة العامة" باعتباره سلطة تنفيذية. وعلى هذا الأساس يرافع أستاذ العلوم السياسية بجامعة ورقلة لصالح إقرار تعديلات نوعية في بما يضمن "تفعيل الرقابة البرلمانية وتوسيع جهات الرقابة وكذا مجلس الأمة في مجال التشريع" في الدستور المقبل الذي أفاد بضرورة أن يكون توافقيا "لضمان توازن مرن بين السلطات". وتقاطع موقف البروفيسور مسعود شيهوب في الكثير من الجوانب مع تحليل الدكتور بوحنية قوي لاسيما لدى تأكيده وجوب "إعادة الاعتبار لصلاحيات الوزير الأوّل حتى يكون مسؤولا على برنامجه"، مثلما طالب ب "تفعيل دور الرقابة البرلمانية مع تعميق السلطة القضائية وكذا تفعيل مؤسسات الرقابة المالية وعلى رأسها مجلس المحاسبة". وذكر شيهوب بأن هناك 7 قضايا لا يمكن تعديلها في الدستور الحالي وهي التي وردت في المادة 174، وبعد تأكيده أن الدستور ساري المفعول "لا بأس به" في الكثير من الجوانب، أورد أن ذلك لا يعني عدم قابليته للتطوير "لا بدّ من تعزيز بعض الحريات الأساسية"، وأبرز في هذا الإطار ضرورة إعادة النظر في وظيفة الإدارة تجاه المواطنين "حتى لا تبقى الإدارة سلطة على المواطنين"، ويرى كذلك أن ما يهمّ في التعديل المرتقب هو "نظام يضمن الحريات وتوازن العلاقة بيت المؤسسات"، داعيا إلى عدم التركيز فقط على الفصل بين السلطات "وإنما لا بدّ من الحرص على ضمان توازن بينها". ومن جانبه يقدّم رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، تصوّره في هذا المجال، حيث يعتبر أنه ليس من الأهمية الحديث عن طبيعة النظام السياسي في الجزائر بقدر ما يهمّ وضع آليات كفيلة بضمان التداول على السلطة واحترام خيار الشعب، ويذهب الأستاذ قسنطيني على هذا المستوى إلى حدّ انتقاد الأوساط السياسية المطالبة بتحديد العهدات الرئاسية في واحدة قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط، وعليه لا يري مانعا في تركه على الشكل الحالي لأن "الكلمة الأخيرة تعود للجزائريين وهم الموكلون أولا وأخيرا باختيار من يرونه مناسبا لقيادة البلاد".