عاد الهدوء نسبيا إلى المجموعة البرلمانية لحزب جبهة التحرير الوطني في أعقاب الاجتماع الذي عقده منسق المكتب السياسي، عبد الرحمان بلعياط، مع عدد كبير من نواب المجلس الشعبي الوطني، مساء الثلاثاء، وقد دعا النواب بلعياط إلى ضرورة تحمّل مسؤولياته كاملة بخصوص توكيل مهمة رئاسة الكتلة إلى نائب آخر غير الطاهر خاوة، مع إبعاد نائبه بهاء الدين طليبة. في تطور جديد لتداعيات قرار منسق المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني إلغاء انتخابات تجديد هياكل المجلس الشعبي الوطني، تنقل ما يزيد عن 180 نائب بالغرفة السفلى للبرلمان إلى مكتب عبد الرحمان بلعياط مساء الثلاثاء، في حدود الساعة السادسة، من أجل إعلان مساندتهم المبدئية للخيار الذي تبناه، مؤكدين وقوفهم إلى جانب التعيينات التي سيعتمدها في توزيع المسؤوليات. وحسب ما أفاد به مصدر قيادي بالحزب حضر الاجتماع المذكور فإن الخطوة التي قام بها النواب "كانت عفوية وجاءت بمحض إرادتهم"، مؤكدا في الوقت نفسه أن "الهدوء عاد إلى المجموعة البرلمانية للحزب" في أعقاب التصعيد الخطير الذي شهدته فور إبلاغ رئيس المجلس محمد العربي ولد خليفة نواب الكتلة بقرار منسق المكتب السياسي، وأضاف المصدر بأن المعارضين لتمديد آلية التعيين "هم فئة قليلة تعدّ على الأصابع من أصحاب المال الذين حاولوا استعمال نفوذهم المالي لشراء التوكيلات". وكشف ذات المصدر الذي تحدّث إلينا بأن قرار عبد الرحمان بلعياط الاستمرار على نفس الخيار الذي بدأه عبد العزيز بلخادم في بداية العهدة التشريعية الحالية "ساهم في تجنب كارثة حقيقية كانت ستقع اليوم خلال انتخابات تجديد الهياكل"، متحدّثا عن "أجواء مشحونة ومتوترة" بين عدد كبير من النواب على خلفية "بعض الممارسات المشينة والمسيئة لتقاليد حزبنا"، وهي الظروف التي قال بأنها "كانت ستؤدي إلى مواجهات وعنف سيغذي حالة الشرخ التي يتواجد فيها الأفلان حتى قبل إزاحة بلخادم من منصب الأمين العام". وفي ذات السياق ذكرت مصادر برلمانية أنه قبل صدور قرار قيادة جبهة التحرير الوطني بإلغاء انتخابات تجديد هياكل المجلس الشعبي الوطني لجأت إدارة هذه الهيئة إلى الاستنجاد بمصالح أمن ولاية العاصمة من أجل توفير عدد كبير من الأعوان للوقوف على العملية إلى جانب تجنيد أعوان أمن المجلس، وكانت هذه الأجواء المشحونة واحدة من بين أكبر العوامل التي دفعت المكتب السياسي إلى اتخاذ قراره بعد استشارة "جهات عليا في البلاد" وفق ما توفّر من معلومات. وعلى الرغم من الدعم الذي لقيه منسق المكتب السياسي إلا أن النواب الذين اجتمعوا به في قاعة المحاضرات بالمقر المركزي للحزب بحيدرة اشترطوا عليه ضرورة استدراك ما وصفوه ب "الأخطاء التي وقع فيها" الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم، واعتبر عدد منهم أن الإبقاء على رئيس المجموعة البرلمانية الحالي الطاهر خاوة سيكون بمثابة تمديد عمر الأزمة خاصة وأن الحزب مقبل على العديد من الاستحقاقات التي تستعدي تجاوز مخلفات الانقسام بين أبناء حزب الأغلبية. وقد لفت ذات المصدر إلى أن بعض النواب الذين لجؤوا إلى استعمال "المال" هم الذين يقفون وراء محاولة تعكير الأجواء داخل المجموعة البرلمانية، فيما احتج الطاهر خاوة لدى رئيس المجلس الشعبي الوطني في اجتماع بينهما على انفراد على الخطوة التي أقدم عليها عبد الرحمان بلعياط، معتبرا إياها مؤشرا على وجود نيتة لإزاحته من منصبه، وهو امر وارد جدا بحسب المعطيات المتوفرة حاليا، ولكن يبقى أمام بلعياط تحد كبير من أجل إيجاد الشخصية الأنسب من أصل 208 نائب بالكتلة.