أعطى رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، بصفته وزير الدفاع القائد الأعلى للقوات المسلحة، تعليمات إلى قيادة الجيش الوطني الشعبي من أجل اتخاذ التدابير الكفيلة بتأمين الشريط الحدودي. وتأتي هذه التعليمات على خلفية التصعيد الحاصل في الحدود الشرقية على وجه الخصوص بسبب أحداث الشعانبي بتونس وكذا التوتر الذي يخيّم على ليبيا. في أوّل ظهور له منذ عودته إلى الجزائر في ال 16 من شهر جويلية الماضي من رحلة العلاج التي قادته إلى فرنسا أواخر شهر أفريل، استقبل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أمس الأوّل، بمقر إقامته بالعاصمة رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، بعد أقل من يوم واحد من استقبال مماثل خصّ به الوزير الأوّل عبد المالك سلال. وقد بدا القاضي الأوّل في البلاد في أحسن حال وهو يتبادل أطراف الحديث مع قايد صالح وسلال بحسب ما أظهره التلفزيون الرسمي، وهو ما يؤكد تماثله التدريجي للشفاء مع تواصل خضوعه لفترة النقاهة وإعادة التأهيل. ويبدّد هذا الظهور أكثر من أيّ وقت مضى كل محاولات بعض الأطراف الاستثمار في الوعكة الصحية التي ألمّت برئيس الدولة لحسابات سياسية متعلقة باستحقاقات ربيع العام المقبل، كما يمثل أيضا رسالة قوية بأنه يمارس مهامه بشكل عادي. وكان اللقاء الثاني الذي جمع الرئيس بوتفليقة مع رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي في غاية الأهمية بالنظر إلى تزامنه والتطورات الأمنية التي يشهدها الشريط الحدودي والتحدّيات الأمنية الكبيرة التي تنتظر الجزائر بسبب حالة عدم الاستقرار التي تعرفها بعض بلدان الجوار وبخاصة تونس وليبيا اللتين تمرّان بمرحلة انتقالية نتيجة التحوّلات التي شهدتاها في العامين الأخيرين. وكان من الطبيعي أن يقدم الفريق أحمد قايد صالح عرضا تفصيلا وشاملا لرئيس الجمهورية وزير الدفاع الوطني القائد الأعلى للقوات المسلحة الجزائر بشأن الأوضاع السائدة في البلاد وعلى الحدود، وعلى هذا الأساس لم يفوّت الرئيس بوتفليقة هذا اللقاء من أجل إصدار التعليمات الضرورية لقيادة الجيش قصد التجنّد بشكل أكبر لمواجهة التحدّيات الأمنية على طول الشريط الحدودي، وعليه فقد "أعطى رئيس الجمهورية توجيهات من أجل تعزيز الجهود والإمكانيات لتأمين الحدود" بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية وما بثّه التلفزيون العمومي. وتتزامن هذه التعليمات وتواصل التنسيق الأمني الرفيع بين الجزائر وكل من تونس وليبيا حيث شهدت بلادنا زيارات متتالية لمسؤولين سياسيين وأمنيين من البلدين، كان أبرزها الزيارة المفاجئة التي قام بها رئيس الوزراء الليبي، علي زيدان, مرفوقا بقيادات في الجيش من أجل مضاعفة التنسيق والتعاون المشترك على المستوى الأمني، تبعته بعد يوم واحد زيارة مماثلة لوفد تونسي رفيع قاده وزير الشؤون الخارجية، عثمان الجرندي، بمعية مسؤولين في وزارة الدفاع والرئاسة التونسية، لنفس الغرض ومن أجل طلب دعم ومساعدة الجزائر للقضاء على الجماعات المسلحة المتحصنة بالمناطق الحدودية للبلدين. كما تأتي هذه التطورات متزامنة مع التصريحات التي أطلقها الوزير الأوّل، عبد المالك سلال، ووزير الداخلية والجماعات المحلية، دحو ولد قابلية، من ولاية جيجل، حيث اكدا على أن الجزائر ستتصدّى لأي محاولة تستهدف المساس بأمنها واستقرارها، حيث تمّ التأكيد على أن بلادنا تمتلك كل الإمكانات التي تجعلها قادرة على حماية شريطها الحدودية على الرغم من ثقل المسؤولية بالنظر إلى شساعة المساحة وكذا الخلل في المنظومة الأمنية لعدد من دول الجوار. وقبل ذلك كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد استقبل الأربعاء الماضي الوزير الأوّل عبد المالك سلال في لقاء خصّص بالأساس لتحضير الدخول الاجتماعي المقبل وإطلاع رئيس البلاد بآخر الإجراءات التي قامت بها الحكومة للتحضير لهذا الموعد لاسيما وأن في برنامج الأولويات تهيئة الظروف المناسبة لعقد اجتماع الثلاثية الموسع المرتقب اوائل الشهر الداخل، ووفق ما تسرّب من تفاصيل عن لقاء بوتفليقة من سلال فإن القاضي الأوّل في البلاد أصدر تعليمات إلى الجهاز التنفيذي "من أجل التحضير الجيد للدخول الاجتماعي المقبل".