دفع الوزير السابق للبريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، موسى بن حمادي، ثمن أخطائه التي ارتكبها في العام الأخير، ومن الصدف أن زهرة دردوري التي وقفت في وجهه ومنعته من تمرير عدد من المشاريع جاءت لتخلفه على رأس هذا القطاع، وضمن أولوياتها إعادة النظر في الكثير من الأمور التي اعترضت عليها في الفترة الماضية. بعد أكثر من ثلاث سنوات من توتر العلاقات وصراع ظهر للعلن في الأشهر القليلة الماضية تمكنت المديرة السابق لسلطة الضبط للبريد والمواصلات، زهرة دردوري، من أخذ مكان مسؤولها السابق موسى بن حمادي الذي حزم أمتعته وغادر مبنى الوزارة محّلا بالكثير من الخيبات وهو الذي فشل في التحكم في الكثير من الملفات التي وصفت ب "الثقيلة" وعلى رأسها "الجيل الثالث" وقضية "جيزي" اللتين أساء التعامل معهما إلى درجة أنه وقع في تناقضات مريبة أساءت إلى سمعة القطاع عموما. الوزير السابق نشر ما يشبه "رسالة وداع" على صفحته الخاصة في "الفايسبوك" يعترف فيها ببعض الأخطاء التي ارتكبها وخصّ بالذكر ملف أجور عمال قطاع البريد، حيث قال في هذا الصدد: "أدرك جيدا أنه على الرغم من المجهودات الكبيرة التي بُذلت إلا أنه لا يزال هناك الكثير من الأمور التي يجب فعلها لتطوير هذا القطاع.."، مخاطبا عمال القطاع: "أوجّه نداء إلى الجميع من أجل العمل في اتجاه استكمال المشاريع الكبرى التي شرعنا فيها مثل القانون الجديد حول البريد والاتصالات..". كما ذكر موسى بن حمادي في رسالته إطلاق رخصة الجيل الثابت للهاتف النقال والمخطط الوطني للألياف البصرية وكذا ربط مدينتي وهران وفالنسيا الإسبانية بالألياف البصرية، فضلا عن ربط العاصمة وعين قزام، بالإضافة إلى عدد من المشاريع الأخرى مع بعض القطاعات، متحدّثا بالمناسبة عن تجسيد توصيات اللجنة الوطنية حول التدفق العالي للانترنت. وتوجّه الوزير السابق بعبارات أقرب إلى الاعتذار لعمال البريد بقوله: "بالنسبة لعمال البريد الله وحده يعلم بأنني احترمت التزاماتي تجاههم"، ليضيف: "أتمنى أن تجد مطالبهم الطريق نحو التجسيد مع الوقت"، داعيا إياهم إلى "الهدوء". وعلى الرغم من سوء علاقته مع دردوري إلا أن الوزير السابق للبريد لم يغفل توجيه بعض عبارات التحفيز لخليفته في المنصب التي تمنى لها النجاح في استكمال ما بدأه، لكن بن حمادي فضل عدم الخوض في تفاصيل الخلافات مع هذه "المرأة الحديدية" التي تكون واحدة من بين عوامل رئيسية سرّعت في رحيله من رأس على هذا القطاع. ومعلوم أن زهرة درودوري اعترضت في أكثر من مرة على الخيارات التي تبناها وزير البريد السابق وقد وصل بها الأمر إلى أن عطّلت مشروع القانون المتعلق بالبريد على مستوى المجلس الشعبي الوطني بسبب ملاحظات قدّمتها في لجنة النقل، وكان لها ما أرادت عندما أُجبر موسى بن حمادي على إعادة النظر فيه، وقد صاحب ذلك الجدل الذي أثير بخصوص التصريحات المتناقضة التي أطلقها وزير القطاع شهر مارس الماضي بخصوص ملف رخصة الجيل الثالث للهاتف النقال، حيث سارعت سلطة الضبط للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية التي كانت ترأسها زهرة دردوري إلى نشر توضيحات قانونية أحرجت الوزير والحكومة على حدّ سواء. وعلى هذا الأساس أوضحت سلطة الضبط أواخر شهر أفريل أن الهاتف النقال من الجيل الثالث "يلاقي إقبالا وانتظارا متفهما من قبل الجمهور" ومن أجل ذلك استطردت بأنه "حرصا من سلطة الضبط على أعلام أفضل للجمهور حول هذا الملف قد أعربت عن أملها في تقديم التوضيحات والعناصر حتى توضح للجميع الإجراء الذي تخضع له كل عملية منح للتراخيص بما فيها الخاص بالهاتف النقال من الجيل الثالث". ولهذا الغرض ستكون المهمة الأساسية للوافدة الجديدة على وزارة البريد تنفيذ التزام الحكومة بإطلاق استغلال رخصة الجيل الثالث في الآجال المحدّدة وهي قبل الفاتح من شهر ديسمبر القادم.