التزمت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات بعدم تكرار سيناريو ندرة الأدوية التي شكلت هاجسا كبيرا للحكومة والمواطنين في السنوات القليلة الماضية، وأعلنت مصالح الوزير عبد المالك بوضياف أنها وضعت مخططا خاصا لهذا الغرض يشمل دراسة احتياجات السوق للسنوات الثلاث المقبلة، وتتوقع الوزارة أن تشهد فاتورة استيراد الأدوية ارتفاعا نسبيا مقابل تطور في الإنتاج المحلي. نفى مدير الصيدليات والتجهيزات الصيدلانية على مستوى وزارة الصحة، الدكتور حمو حافظ، ما ورد من ملاحظات في تقرير حديث عن مجلس المحاسبة الذي تحدّث عن تسويق أدوية في الجزائر دون أن يتم تسجيلها أو التصريح بها لدى المصالح المختصة، حيث لم يهضم المسؤول فحوى هذا الاستنتاج مؤكدا أن "هذا أمر مستحيل" لأن "كل الأدوية التي تسوّق في بلادنا مسجلة ومصرّح بها"، مبعدا أي اتهامات عن متعاملي الأدوية. واعترف الدكتور حافظ بأنه "كان يصعب التحكم في الوضع" قبل سنوات بالنظر إلى الكثير من الاعتبارات المتعلقة بالطلب المحلي، لكن مع ذلك ذكر خلال نزوله أمس ضيفا على القناة الثالثة لإذاعة الوطنية أن "الوضعية الحالية لسوق الدواء في الجزائر تبقى مستقرّة بما في ذلك على مستوى الصيدلية المركزية"، وعلى الرغم من هذا التشخيص الإيجابي إلا أنه أردف بأن مصالح الوزارة "تبقى حذرة وأخذت كافة الاحتياطات الضرورية لتفادي تكرار ما عرفناه سابقا من ندرة في الدواء". وأشار المتحدّث إلى أن "تعليمات واضحة" صدرت عن الوزير الجديد إلى الصيدلية المركزية من أجل وضع مخطط خاص يستقصي آفاق السوق للسنوات الثلاث المقبلة "ونحن نسعى لدوام هذه الوضعية المستقرة وهناك خلايا مراقبة لتأكيد سياسة الحذر واليقظة" على حدّ تعبيره، وكشف أن الميزانية التي خصّصتها الوزارة للأدوية فقط تقدّر ب 35 مليار دينار، بعدما كانت في حدود 27 مليار دينار في 2012. وأضاف المتحدّث في هذا السياق بأنه يجري حاليا التحضير لتحديد برامج الاستيراد للعام المقبل التي توقع أن يتمّ تسليمها من طرف المتعاملين في آجال أقصاها 31 أكتوبر المقبل لضمان تموين كامل للسوق، وقد فنّد من جهة أخرى تسجيل ندرة في أدوية مرضى السرطان، حيث كشف أن الوزارة أوفدت مفتشين مركزيين إلى 30 ولاية من اجل الوقوف على حقيقة الوضع هناك. كما لم يتوان الدكتور حمو حافظ في الإقرار بأن فاتورة الاستيراد خلال العام المنصرم عرفت ارتفاعا نسبيا بلغ 17 بالمائة، حيث وصلت بالأرقام إلى 1 مليار و192 مليون أورو، مقابل ميزانية فاقت 800 مليون أورو بالنسبة للإنتاج المحلي، وهو ما يعادل زيادة ب 10 بالمئة، وأبرز بالمناسبة أن 90 بالمئة من الميزانية المخصصة للدواء توجه لتغطية تكاليف الاستيراد. كما لفت الدكتور حمو حافظ إلى أن لجنة تشاور ستجتمع خلال أسبوعين مع متعاملين الأدوية في الجزائر، وهي تضم مستوردين وموزعين للدواء إضافة إلى ممثلين عن الصيادلة، موضحا أن الهدف من هذا اللقاء "هو مناقشة كافة الانشغالات ذات الصلة بهاجس وفرة الدواء". لكن المسؤول بوزارة الصحة أبدى نوعا من التحفظ عندما سئل عن أساب تأخر إطلاق الوكالة الوطنية للدواء على الرغم من صدور مرسوم يحدّد مهامها في 2008، مكتفيا بالتأكيد على أن مرسوما جديدا قيد التحضير سيعرف قريبا على اجتماع وزاري مشترك قبل أن يناقش على مستوى اجتماع للحكومة. وفي ملف الأدوية كذلك أفاد مدير الصيدليات والتجهيزات الصيدلانية بأن هناك 251 دواء ممنوعا من الاستيراد وحتى من التصدير كونها تنتج محليا (أدوية جنيسة)، وهي القائمة السلبية التي قال إن المتعاملين الصيدلانيين هم من وضعوها ووافقوا عليها، ليشير إلى أن مستوى الإنتاج المحلي لا يغطي حاليا سوى حوالي 38 بالمئة من الطلب المحلي في حين أن هدف الحكومة هو الوصول إلى تغطية 70 بالمئة إلى 80 بالمئة في السنوات المقبلة، واعتبر في الوقت نفسه أن "الاستيراد" يبقى "خيارا مفروضا" حتى في الدول المتقدمة.