أثار إطلاق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ما وصفوه "المرحلة الأولى من العملية العسكرية لمكافحة تهريب المهاجرين في البحر المتوسط"، الكثير من المخاوف المرتبطة بإمكانية التدخل في بعض دول شمال إفريقيا، وكذا الكثير من التساؤلات حول فائدة هذه العملية، في وضع أمني إقليمي مضطرب، خصوصًا في ليبيا. الاتحاد الأوروبي، حاول تبديد هذه المخاوف، من خلال تشديده على أن هذه العملية العسكرية ستقتصر في الفترة الأولى على "فرض رقابة مشددة على شبكات المهربين، عبر نشر المجموعة الأولى من السفن والغواصات وطائرات الدورية فضلاً عن الطائرات من دون طيار الأوروبية في الأسبوع الأول من تموز (يوليو) القادم. التوضيح لم يبدد المخاوف، بل جعل الباحثين يطرحون مزيدًا من الأسئلة حول هذا المسار الذي سارت عليه الدول الأوروبية مع ملف الهجرة والمهاجرين، والتحديات الأمنية والاقتصادية المرتبطة بها، في ظل الوضع الأمني والسياسي في الدول التي توصف بأنها "مصدر للمهاجرين". الخبير الاستراتيجي المغربي عبد الرحمان مكاوي، أكد على حساسية الوضع الأمني في المنطقة، وإمكانية توظيف الجماعات المتطرفة والإرهابية للمهاجرين، منوهًا في الوقت ذاته، أن "انتشار قوات بحرية أوروبية قبالة خليج سرت في ليبيا خاصة، وبعض البوارج سوف يمتد عملها إلى الحدود التونسية، بهدف القضاء على مافيات تهريب البشر". وأضاف "مكاوي" أن "مخاوف الأوروبيين جاءت بعد تهديد تنظيم القاعدة الدول الأوروبية، من خلال إرسال 500 مهاجر قد يكون بعضهم مسلحًا، وهو ما يشكل تهديدًا لأمن أوروبا، الذي دفع إلى اتخاذ قرار انتشار بوارج بحرية على السواحل"، ورأى "مكاوي" أن هذه الإجراءات " لن تجدي نفعًا، لا لأوروبا ولا لدول الإقليم، لأن الحدود البحرية الليبية تمتد على مسافات طويلة جدًا". وقال أن طول الحدود البحرية الليبية، ليست العقبة الوحيدة أمام نجاح العملية العسكرية الأوروبية، بل يضيف أن "هناك في ليبيا نحو 1200 ميليشيا مسلحة، بعضها حولت نشاطها إلى تجارة مربحة في تصدير المهاجرين السريين إلى أوروربا"، علاوة على وجود "مدينة ليبية أصبحت تحت السيطرة الكاملة لتنظم "داعش". ورغم أن المغرب والجزائر وحتى مصر اتخذت إجراءات صارمة ضد تهجير البشر، فإن "مكاوي" يشير إلى أن ما بين 5 آلاف و 6 آلاف مهاجر إفريقي، يدخلون إلى شمال إفريقيا بهدف الهجرة إلى أوروبا، سواء من الحدود الجزائرية أو الليبية. وفي السنوات الأخيرة دخل مهاجرون من دول إفريقية بعيدة جدًا، عن شمال إفريقيا، مثل ملاوي ومدغشقر وروندا وبروندي، ما يجعل " استعراض العضلات البحرية الأوربية لا يمكن أن يحل المشكل"، حسب تعبير الخبير الاستراتيجي المغربي، وتابع: أن هذه الإجراءات التي اتخذتها أوروبا "ستبقى ناقصة ما لم يوجد حل للحرب الأهلية في ليبيا، وقيام الدولة الوطنية الموحدة والجيش الواحد والأمن الوطني في ليبيا، وكذا إعطاء اختصاصات لبعض القبائل الليبية التي كانت تحارب الهجرة السرية". يضاف إلى ما سبق أن إعلان أوروبا ما وصفه "مكاوي" ب"النفير البحري العام"، يطرح إشكالًا كبيرًا لأن أوروبا تعيش أزمة اقتصادية، وأن الدول الأوربية ليست لديها الإمكانيات للاستمرار في هذه العملية التي قد تستغرق سنوات. وقال "مكاوي" إن العملية العسكرية الأوروبية لن تمر دون أن تثير انتقادات كثيرة في أوساط حقوقية، والتي انطلقت بإعلان وزراء خارجية الاتحاد الأوربي عن هذه العملية، وهي مرشحة للتصاعد، ويتوقع الخبير المغربي أن طول أمد العملية قد يدفع الدول الأوروبية إلى الدخول إلى ليبيا، ف"بدون دخول الأراضي الليبية لا يمكن السيطرة على الأمر". أما إدريس الكريني، مدير مجموعة الأبحاث والدراسات الدولية حول إدارة الأزمات يرى أن السياسة الأوربية المتعلقة بالحد من الهجرة عمومًا وشبكات التهجير، وخصوصًا العلمية الأخيرة، جعلت المقاربات الأوروبية في هذا الشأن، بصورها الفردية والجماعية، يطبعها الهاجس العلاجي، سواء على مستوى سن تشريعات صارمة تقنن من الهجرة أو اعتماد تدابير وإجراءات يحكمها الهاجس الأمني بالأساس". ويضيف "الكريني" أن "التدابير الصارمة المحكومة بهواجس أمنية، غالبًا ما تواجه بالتحدي والإصرار من قبل الراغبين في الهجرة واللجوء"، وقال أن تداعيات الأوضاع الأمنية التي تعيشها بعض دول الربيع العربي،"المتردية"، كما هو الحال بالنسبة لسوريا وليبيا واليمن، وكذا تزايد حدة الهجرة السرية في البحر المتوسط خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تحت ضغط العديد من الإكراهات الاجتماعية والسياسية والعسكرية، التي تعانيها العديد من دول الضفة الجنوبية للمتوسط". ويزيد "مدير مجموعة الأبحاث"، على ما سبق "معاناة المهاجرين السريين ضمن رحلة محفوفة بالمخاطر في علاقة ذلك بابتزاز شبكات التهريب، والمجازفة بالعبور للضفة الأوروبية ضمن مراكب متهالكة ومتردية، يموت خلالها الكثيرون حرًا أو بردًا أو عطشًا أو غرقًا، والتضييقات التي يجد الناجون أنفسهم أمامها والتي تنتهي بالسجن أو الترحيل". ويتطرق "الكريني" إلى "تصاعد المواقف العدائية للمهاجرين من قبل الكثير من الأحزاب السياسية وبعض فعاليات المجتمع المدني، التي أصبحت تربط علنًا جلّ الإكراهات "المشاكل" التي تعيشها أوروبا بالمهاجرين وتطالب بترحيلهم، ويشدد على أن "التعاطي مع الظاهرة يفرض الموازنة بين متطلبات الأمن من جهة، والجوانب الإنسانية من جهة أخرى، كما يلزم الأمر تناولها في سياقها الإقليمي والدولي، واعتماد مداخل ناجعة تقف على العوامل التي تغذيها، عبر دعم التنمية والاستقرار في الدول المصدّرة للظاهرة". وكان وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أعلنوا الاثنين الماضي، عن الشروع في تفعيل المرحلة الأولى من العملية العسكرية لمكافحة تهريب المهاجرين في البحر المتوسط، والتي ستقتصر بداية على فرض رقابة مشددة على شبكات المهربين، وفق مسؤولين بالاتحاد الأوروبي .ومن المفترض نشر المجموعة الأولى من السفن والغواصات وطائرات الدورية فضلًا عن الطائرات من دون طيار الأوروبية ابتداء من بعد غدٍ الاثنين. ويأتي هذا القرار بعدما برزت اختلافات كبيرة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول الطريقة المثلى للتعامل مع آلاف المهاجرين عبر المتوسط، حيث كانت إيطاليا واليونان ومالطا تتحمل العبء الأكبر، حتى غرق 800 مهاجر في نيسان/أبريل الماضي ما أجبر الأوروبيين على إعادة النظر في الوضع. من جهتها حذّرت حكومة الإنقاذ الوطني الليبية، من خطورة الأوضاع الأمنية، في حال نفّذ الاتحاد الأوروبي عملية بحرية في البحر المتوسط، لمنع تدفق اللاجئين إلى أوروبا. وأوضحت وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ، أن "الاتحاد الأوروبي لم ينسق مع حكومة طرابلس، بشأن العملية التي تنوي مؤسسة حماية الحدود الأوروبية (فرونتكس)، تنفيذها في مياه البحر الأبيض المتوسط بما فيها المياه الإقليمية الليبية". وفي بيان لها الثلاثاء الماضي حصلت الأناضول على نسخة منه، أضافت الوزارة "أن الاتحاد الأوروبي لم يأخذ بعين الاعتبار الوضع الأمني في البلاد، وأن الحكومة لا تتحمل مسؤولية تبعات هذه العملية من موت المهاجرين"، مؤكدة أن ليبيا ليست طرفًا في اتفاقية قبول المهاجرين وتطالب بإعادتهم إلى بلدانهم فورًا. لؤي. ب/ وكالات a href="#" onclick="window.open('http://www.facebook.com/sharer/sharer.php?m2w&s=100&p[url]=http%3A%2F%2Fwww.elayem.com%2F%3Fp%3D6617&p[images][0]=http%3A%2F%2Fwww.elayem.com%2Fwp-content%2Fuploads%2F2015%2F06%2F54f329bc611e9b15238b45d9.jpg&p[title]=&p[summary]=أثار إطلاق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ما وصفوه "المرحلة الأولى من العملية العسكرية لمكافحة تهريب المهاجرين في البحر المتوسط"، الكثير من المخاوف المرتبطة بإمك', 'Share This', 'menubar=no,toolbar=no,resizable=no,scrollbars=no, width=600,height=455');"Share 0 Tweet 0 Share 0 Share 0