قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله"، رواه «البخاري»، وقال «ابن حجر» "الإِطْرَاء الْمَدْح بِالْبَاطِلِ، تَقُول: أَطْرَيْت فُلانًا؛ مَدَحْته فَأَفْرَطْت فِي مَدْحه"، ولما قال وفد «بني عامر» لرسول الله صلى الله عليه وسلم "أنت سيدنا"، قال صلى الله عليه وسلم "السيد الله تبارك وتعالى"، فقالوا "وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا"، فقال "قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان"، رواه «أبو داود» و«أحمد» وصححه «الألباني»، وقال «ابن الأثير» "أي لا يَسْتَغْلِبَنَّكم فيتَّخِذكم جَرِيًّا، أي رَسُولا ووكِيلا، وذلك أنهم كانوا مَدَحُوه، فكَرِه لهم المبالغَة في المدْح فنَهاهُم عنه، ولا يَغْلِبَنكُمْ فَيَتَّخِذكُمْ جَرْيًا أَيْ رَسُولا وَوَكِيلا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا مَدَحُوهُ فَكَرِهَ لَهُمْ الْمُبَالَغَة فِي الْمَدْح فَنَهَاهُمْ عَنْهُ"، وقال «السِّنْدِيُّ» "أَيْ لا يَسْتَعْمِلَنكُمْ الشَّيْطَان فِيمَا يُرِيد مِنْ التَّعْظِيم لِلْمَخْلُوقِ بِمِقْدَارِ لا يَجُوز"، لذلك قال العلماء إنه ينبغي الحذر من الغلو في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، خاصة المدح الذي يصل بالعبد إلى درجة الشرك أو يكون ذريعة له، ومقولة "محمد قبلة الدنيا وكعبتها" وإن كان يمكن أن يؤول معناها، حيث لا يكون فيها خطأ ولا انحراف إلا أنها ينطبق عليها حديث "قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان"، والتوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو بحقه أو جاهه أو صفته أو بركته من أنواع التوسل الممنوعة على الراجح من أقوال أهل العلم، وهو بدعة لعدم الدليل على ذلك، ولأن ذلك من وسائل الشرك والغلو فيه صلى الله عليه وسلم.