دعا القرآن الكريم إلى الإنفاق في وجوه الخير، حيث جعل ذلك من أفضل القربات، ولم يكتف بالحث على الإنفاق، بل طلب أن يكون الإنفاق من المال الحلال، يقول الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد"، وقد ورد في سبب نزول هذه الآية روايات عدة ذكرها المفسرون، وهي تصب جميعا في مبتغى واحد، يدور حول البذل مما تحبّه النفس، لا من الفائض عليها، ولا تتعارض الروايات الواردة في سبب نزول هذه الآية بينها كما قال المحدّثون والمفسرون، بل يشدّ بعضها أزر بعض، وهي بمجموعها ترشد إلى أن المطلوب من المؤمن ألا يتصدّق بالرديء من ماله، بل يتصدّق من جيّده أو على الأقل من أوسطه، سواء أكان ذلك في الصدقات الواجبة كالزكاة أم كان ذلك في الصدقات المندوبة، والآية الكريمة نهت عن التصدق بالمال الرديء ولو كان مالاً حلالاً، فكان من باب أولى أن يتضمن هذا النهي التصدق من المال الحرام، وقد صح في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا"، رواه «مسلم».