بعد الضربة القاسية التي تلقاها جيش الاحتلال أمس الأحد بعد أسر أحد جنوده و اعلانه عن مقتل 13 آخرين بدأت تظهر بوادر تصدع في الجبهة الداخلية ففي تحليل لها اليوم الإثنين،تناولت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العملية العسكرية التي يخزذها الاحتلال الاسرائيلي في غزة منذ 12 يوما لافتة الى أن حماس هي من تدير القتال الحالي . وأوردت الصحيفة على موقعها الإلكتروني، أن الناس في الكيان الصهيوني يتناقلون بين قنوات التلفاز، والاستماع إلى ثرثرات الجنرالات والوزراء المتقاعدين حول الاستراتيجية الإسرائيلية، والوصول إلى استنتاج مفاده أن إسرائيل تشن عملية عسكرية في غزة.. هذه العملية حتى لها اسم، الجرف الصامد. واستطردت الصحيفة، أن الحقيقة هي أن هذا العرض التلفزيوني ما هو إلا أكذوبة حيث إن إسرائيل ليست هي من تدير الصراع، ولكنها حماس. فمنذ اليوم الأول لهذا الحدث، نحن في جانب رد الفعل، الجانب المستدرج، مضيفة أنه في بعض الأحيان يكون هذا أمر جيد، حيث كان ينظر إلى سياسة ضبط النفس الإسرائيلية في الأيام العشرة الأولى بشكل إيجابي من قبل الحكومات المهمة في العالم، وأعطت الحكومة مجالا للمناورة الدبلوماسية. وأضافت أنه في بعض الأحيان ليس من الجيد أن تكون في موقف رد الفعل، حيث ينحي التحول إلى حرب الأرض جانبا، الميزة الكبيرة التي لدى إسرائيل بفضل نظام القبة الحديدية.. والآن أصبحت الأسلحة المضادة للدبابات والعبوات الناسفة والمباني المفخخة وجميع منظومات الأسلحة التي تتخصص بها حماس، تستخدم ضد جنود الجيش الإسرائيلي. ويبدو أن الخطوة الوحيدة التي بدأتها الحكومة الإسرائيلية لم يجلب لها الثناء. فبعد وفاة أربعة أطفال صغار على شاطئ غزة نتيجة القصف البجري، شرعت الحكومة الإسرائيلية في وقف إطلاق النار للعمليات الإنسانية لمدة ست ساعات، باللجوء إلى مبعوث الأممالمتحدة روبرت سيري، وهو نفس الشخص الذي أراد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان طرده من إسرائيل قبل عدة أسابيع مضت. ورفضت حماس وقف إطلاق النار، وواصلت إطلاق الصواريخ التي لم تسبب أي ضرر. ووافقت الحكومة الإسرائيلية، على وقف إطلاق نار لفترة قصيرة، وبالتالي تحولت حماس إلى الطرف المذنب في هذ الجحيم المستعر في نظر معظم دول العالم، وربما في نظر كثير من سكان غزة أيضا. وتابعت الصحيفة، أنه لا ينبغي للإسرائيليين أن يرتبكوا من التعاطف الذي عبرت عنه الحكومات في العالم، فهذا التعاطف هو مؤقت ومحدود، مشيرة إلى أن الولاياتالمتحدة أوضحت دعمها للعملية الإسرائيلية طالما أنها تقتصر على المنطقة القريبة من الحدود، وتستهدف قاذفات الصواريخ والأنفاق وأنها ستعارض عملية دخول كبيرة إلى قلب قطاع غزة و أن الموقف الأمريكي هش و خير دليل مكالمة كيري مع أحد معاونيه التي سربت منذ أيام قلائل . وأشارت الصحيفة إلى أن القوات التي دخلت قطاع غزة مشغولة أساسا بالكشف عن الأنفاق المؤدية إلى المستعمرات الإسرائيلية. فهذا النشاط مهم للغاية ومنقذ للحياة، ولكن في غضون يومين أو ثلاثة أيام، سينخفض عدد الأنفاق التي لم يتم الكشف عنها وستكون تلك القوات مرابضة في مكان واحد. وقالت الصحيفة إن الحكومة تواجه معضلة قاسية: فهل يجب تحريك القوات إلى الأمام، في عمق غزة، ومواجهة خطر فقدان العديد من الجنود وقتل جماعي لمدنيين فلسطينيين، أو الانسحاب إلى حيث جاءت، وتعطي حماس الانتصار؟. وأضافت الصحيفة أن نفس هذه المعضلة ظهرت خلال عملية الرصاص المصبوب، في الفترة بين ديسمبر 2008 ويناير 2009. بعد 12 أو 13 يوما، ووصلت إلى استنتاج مفاده أن الجيش الإسرائيلي بدخوله غزة قد يستنفد نفسه، استغرق الأمر 10 أياما أخرى من الجدل داخل مجلس الوزراء الإسرائيلي والتلكؤ على الأرض قبل أن تتخذ إسرائيل قرارا بوقف إطلاق النار من جانب واحد، وهو القرار الذي هدأ من إطلاق الصواريخ من قطاع غزة لمدة ثلاث سنوات ونصف. واختتمت الصحيفة بأن الحكومة الإسرائيلية لديها العديد من المعلقين الاستراتيجيين، لكن ليس لديها استراتيجية للخروج.. وقد أثيرت هذه القضية في مناقشات مجلس الوزراء الإسرائيلي التي لا نهاية لها، ولكنها لم تصل بعد إلى نضج، ولم يتم تحديد الاتجاه. وكما سبق أن قلنا، فإن إسرائيل لا تدير هذه القضية، بل حماس.