يبدو أن مؤسس فيس بوك مارك زوكربيرغ مفتون بالصين. فبعد تحدثه باللغة الصينية لمدة ثلاثين دقيقة في أكتوبر الماضي، وافتتاح مكتب له في بكين (رغم حجب الصين لفيس بوك) في مايو الماضي، فلم يكتفِ زوكربيرغ فقط بقراءة الكتاب الذي أصدره الرئيس الصيني مؤخرًا، بل تداولت تقارير صحفية أنباءً تفيد قيامه بشراء الكتاب لموظفي فيس بوك. كانت وسائل الإعلام الصينية الحكومية قد ذكرت أن رئيس مكتب معلومات الإنترنت الصيني، وهي أعلى جهة رقابية في الصين، قام بجولة في مكاتب فيس بوك، بما في ذلك مكتب زوكربيرغ نفسه، حيث ظهر الكتاب على مكتبه وفقًا لصور بثتها وسائل الإعلام الصينية. ونُقل عن زوكربيرغ قوله: «لقد اشتريت نسخًا من هذا الكتاب للموظفين هنا. لأنني أريد منهم فهم الشيوعية من منظور صيني». إن السبب وراء تركيز زوكربيرغ على الصين بسيط: إعادة افتتاح فيس بوك هناك بعد حجبه منذ العام 2009؛ مما سيفتح الباب للشركة أمام 640 مليون مستخدم للإنترنت، وهو ما سيوفر مصدرًا غنيًّا للإعلانات من طرف مطوري التطبيقات الصينيين. ولكن في الوقت الذي يجري فيه محاولة فرض القراءة عن الطفرة الصينية الحديثة بوصفها مهمة لموظف في فيس بوك أو أي وسيلة تواصل اجتماعي أخرى، فليس من الواضح ما الذي سيقدمه كتاب الرئيس الصيني للعاملين. يضم الكتاب مجموعة من «إنجازات الرئيس الصيني الهامة في الفترة ما بين 15 نوفمبر 2012 إلى 13 يونيو 2014» وفقًا لموقع تابع للحكومة الصينية، بما في ذلك «79 خطابًا ومحادثات ولقاءات إعلامية وتوجيهات ومراسلات موزعة على 18 فصلاً». لذا فبدلاً من ذكر أي قصص شخصية أو تحليلات للأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للصين الحديثة، فإن الكتاب تم صياغته بعناية ليكون عبارة عن دعاية إلى حد ما، بما في ذلك اقتباسات مثل «باختصار، سوف أحكم البلاد عن طريق خدمة الشعب والقيام بالمسئوليات المفروضة على عاتقي»، و«إن تبادل خبرات التعلم هي محرك هام للتقدم البشري وللسلام والتنمية العالمية». ولم يمنع ذلك من حصول الكتاب، الذي نُشر بعشر لغات، على تقييمات مبالغ فيها. فهو «عمل ملهم للغاية» في رأي المستشار الألماني السابق هيلمت شميدت، ولديه جمهور عريض يصل إلى لندن، وذلك بحسب وسائل الإعلام الصينية الرسمية. وعلى الجانب الآخر، كافأ بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي زوكربيرغ على محاولته للفت انتباه الصينيين بالسخرية منه بعد توصيته بقراءة الكتاب، وذلك عبر رسم كاريكاتوري رسمه إيريك كراوتش.