عقدت جمعية قدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية في منطقة "زرالدة" بالعاصمة، أول أمس، مجلسها الوطني في دورته العادية الثانية تحت شعار "ترقية المواطنة لدى الشباب بالممارسة". وكانت المناسبة فرصة لنا بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف للمشاركة في هذا النشاط حتى نؤكد مرة أخرى أن خدمة الدين وخدمة الوطن متلازمتان وهما عملة واحدة لا يمكن الفصل بينهما. وفي هذا المقام كان لا بد من الرجوع إلى مذكرات أحد الكشفيين القدامى وهو الدكتور بوعمران الشيخ رئيس المجلس الإسلامي الأعلى شافاه الله، والذي أفرد في كتابه الذي أهداني نسخة منه "الشيخ بوعمران مذكرات كاتب جامعي.. من أجل ثقافة متفتحة"، فصلا خاصا حول الكشافة الإسلامية، حيث بعدما تحدث عن الحركة الوطنية والتنظيمات التي تأسست قبل الحرب العالمية الثانية، تأسف لكون الحركة الكشفية لم تحظ بدراسة تاريخية عامة وشاملة ترصد نشأة وتطور هذا التنظيم الذي لعب دورا كبيرا في حركة التحرر انطلاقا من بناء المواطن الصالح، والسبب يعود كما يقول الشيخ بوعمران إلى عدم توفر الوثائق التي ضاع جزء منها خلال الثورة والجزء الآخر الذي نقلته فرنسا إلى مركز الأرشيف ب«أكس بروفانس" بباريس، والأمر الذي صعب من المهمة هو عدم الاهتمام بهذا الموضوع الهام في الوقت المناسب بعد الاستقلال، حيث غيب الموت الكثير من القادة الكشفيين وعدم الاستفادة من شهادة البقية التي لاتزال على قيد الحياة والتي هي كذلك تعاني من حساسية فيما بين بعضها البعض بما له علاقة بتاريخ الكشافة الإسلامية وهذه من العيوب والأمراض التي ابتليت به هذه الزمرة المحترمة مثلها مثل السياسيين وغيرهم ممن لم يؤثروا على أنفسهم ووظفوا التاريخ لصالحهم. ويحرص الدكتور بوعمران على ضرورة الإسراع في الاستفادة من شهادة القادة الكشفيين قبل فوات الأوان وعلى استرجاع الوثاق من مركز الأرشيف الفرنسي حتى لا يضيع هذا التراث النضالي الذي يجب أن يستفيد منه جيل الاستقلال والأجيال المقبلة وهذه بالدرجة الأولى مهمة المؤرخين والباحثين وحتى الإعلاميين. فهذا العمل الجليل الذي ينتظرهم يجعلنا نستكشف أكثر دور العمل التربوي في مقاومة "الكلونيالية" التي أرادت القضاء على الهوية الجزائرية، وكيف أن الشباب الجزائري منذ سنة 1936 تاريخ تأسيس الحركة الكشفية الرسمي بفضل الشهيد محمد بوراس (حكم عليه بالإعدام بتهمة التآمر على الاستعمار يوم 27 ماي 1941)، انخرط في هذا النضال الذي يجب أن يتواصل اليوم وبكل قوة وتجرد وفق المبادئ التي وضعها وهي "الواجب نحو الله ثم الوطن، ثانيا: الواجب نحو الآخرين، ثالثا: الواجب نحو الذات".. فإذا كانت الفلسفة الوجودية الفرنسية على لسان سارتر تقول «الآخر هو الجحيم".. فمبادئنا قائمة على أن "الآخر هو الجنة"، وهذا هو الذي يجب أن يسود في بلادنا اليوم حتى نكون خير خلف لخير السلف. ويحيل الدكتور الشيخ بوعمران في هذا الفصل من مذكراته كما ذكرنا أعلاه إلى مساهمته والعمل المشترك الذي قام به في مجال "التأريخ للكشافة الإسلامية من سنة 1935 إلى 1955" وهذا مع الأستاذ محمد جيجلي حيث أشرفا معا على هذا العمل الصادر عن "دار الأمة" سنة 2007 والذي أنجزته مجموعة من القادة الكشفيين مثل محمد الصغير فرج ومحمد القشعي والشريف الغوثي ومحمد الصالح رمضان وحطاب حسناوي وعبد السلام بن لوصيف، وبالتالي يدعو الشيخ بوعمران إلى ضرورة إيلاء العناية اللازمة لهذا الموضوع الذي يجب أن تصدر في شأنه بحوث ورسائل أكثر.