فشل وزير الطاقة والمناجم، «يوسف يوسفي»، في إقناع نواب المجلس الشعبي الوطني بجدوى القرار الذي اتخذته الحكومة باستغلال المحروقات غير التقليدية «الشيست»، ولا سيما الغازات الصخرية، حيث حذّر عدد كبير منهم من «التداعيات البيئية» لهذا الخيار وحتى «الأخطار على صحة المواطنين» والمياه الجوفية في الجنوب على اعتبار أن العملية تتطلب استعمال 500 مادة كيميائية لتحليل الصخور. احتدم النقاش حول التعديلات المدرجة على مشروع قانون المحروقات الذي عرضه وزير الطاقة والمناجم مساء الثلاثاء على المجلس الشعبي الوطني، لكن اللافت في جلسات أمس هو تركيز النواب على قرار الحكومة استغلال المحروقات غير التقليدية وعلى رأسها الغازات الصخرية المعروفة اصطلاحا ب «غازات الشيست»، وبقدر استنكارهم لمثل هذه الخطوة فإنهم استغربوا كيف لا تقدم الجزائر على هذا الخيار الذي عجزت حتى الولاياتالمتحدةالأمريكية في إيجاد التقنيات المناسبة له. وعليه تساءل رئيس كتلة «الجزائر الخضراء» عن الدوافع وراء هذا القرار، متحدُثا عن مخاطر التوجه نحو استغلال الغازات الصخرية «هناك مخاطر في التقنيات المستعملة على الصخور في مناطقنا الجنوبية زيادة على عدم امتلاكنا للتكنولوجيات الكفيلة بنجاح هذه العملية» على حدّ تعبير «نعمان لعور» الذي أضاف مخاطبا الوزير: «هذه التكنولوجيا التي تتحدّثون عنها مكلفة وغير آمنة»، متسائلا عن خلفيات منح تحفيزات جبائية للشركات الأجنبية لاستغلال ثروات الجزائر بما فيها «غازات الشيست». وضمن هذا التوجه سار عدد آخر من النواب على غرار «عبد الرحمان بن فرحات» الذي تساءل في تدخله: «لماذا التنقيب عن غازات الشيست وانتم تعلمون أن الولاياتالمتحدة لا تتحكم في تقنيات استخراجه» ناهيك عن «المخاطر النجمة عن التشققات الصخرية»، ولذلك حذّر الحكومة من خطر «المساس بأكبر خزان للماء في العالم الكائن بالصحراء الجزائرية في حال تم استعمال هذه التقنيات»، وشدّد على أنه «نرفض العمل بتقنيات التنقيب الهيدروليكي.. كفانا ما فعلته فرنسا فينا خلال الفترة الاستعمارية بتجاربها النووية»، مطالبا بإلغاء المادة 23 من قانون المحروقات. وكان وزير الطاقة قد أوضح أن استغلال المحروقات غير التقليدية «الشيست» سيكون مشروطا «بالاحترام الصارم للتنظيمات المتعلقة بحماية المياه الباطنية والبيئة»، مشيرا لدى عرضه لمشروع القانون الجديد للمحروقات إلى أنه «لا يمكن توقع استغلال هذه الموارد دون توفر الشروط التقنية والاقتصادية مع الاحترام الصارم للتنظيمات المتعلقة بحماية المياه الباطنية والبيئة»، مدافعا عن النصّ بقوله: «إن أولوية أولوياتنا في مجال المحروقات تكمن في توسيع مواردنا ويتم ذلك عبر تكثيف نشاطات الاستكشاف لجميع أنواع المحروقات التقليدية أو غير التقليدية في كل أنحاء البلاد وعبر التحسين المتواصل لنسبة استرداد حقولنا». وتعدّدت النقاط التي أثارها أمس نواب الغرفة السفلى للبرلمان، ولكنها تقاطعت في مجملها عند طرح قانون المحروقات في كل مرة للتعديل، مستدلين بما حصل في 2005 ثم تعديل 2006 وصولا إلى تعديلات هذا العام، علما أنه تمّ إدراج 58 تعديلا منها 26 تعديلا تحيل إلى التنظيم، أي سيتم استكمالها بمراسيم، وانتقد النواب التبعية شبه المطلقة للجزائر لقطاع المحروقات، وحذروا من عدم العقلانية في استغلال المحروقات، ورأى آخرون أن التعديلات الجديدة تخدم أكثر مصالح الشركات متعدد الجنسيات خاصة بعد التحفيزات الإيجابية المدرجة في القانون.