تحولت كثير من مناقشات نواب البرلمان لتعديلات قانون المحروقات إلى جلسة ''محاكمة'' في حق الشركة الوطنية للمحروقات، بدعوة السلطات للكشف عن محل الوزير السابق شكيب خليل من فحوى تحقيقات الأمن، وتوضيح خلفيات ''التوزيع المناطقي'' لمنشآت الشركة وطواقمها والعقود الموقعة مع الأجانب، ولم يتخلف إلا قليل من النواب عن مناقشة ملف الغاز الصخري، وبدا أن الملف يشكل محور انقسام كبير داخل الطبقة السياسية. تعرضت السياسة الاستثمارية للشركة العمومية ''سوناطراك'' لما يشبه ''المحاكمة'' تحت قبة البرلمان، في حضور وزير الطاقة والمناجم، يوسف يوسفي، وخاض عدد من النواب، أمس، في مسائل العقود ''المشبوهة'' للشركة مع مساهمين في الخارج، و''التوزيع المناطقي'' للمؤسسات الملحقة كالمعهد العالي للبترول، وسياسة ''التشغيل المجحفة'' في حق ''سكان الجنوب'' كما يحدث في ورفلة، وأخذ ملف استغلال الغاز الصخري حصة الأسد من النقاشات بما أنه لقي معارضة وتحفظات كثيرة. وذكر النائب عبد الغني بودبوز، عن ''تكتل الجزائر الخضراء''، أن الاعتصامات التي تشهدها ولايات جنوبية (ورفلة بالخصوص) سببها شركة سوناطراك، قائلا: ''هذه الشركة باتت تصنع الفتنة بين الجزائريين بسبب الاختلال المناطقي''. ولفت أيضا إلى أن ''ممثليات الشركة في الخارج لا تخلو من نفس الاختلال المناطقي''، وتحدث النائب عن ''شبهة مسبقة'' بخصوص تصريحات الرئيس المدير العام للشركة، الذي أعلن عن منح صفقة التنقيب عن الغاز الصخري لشركات فرنسية: ''من الذي جعل من الجزائر وقفا لفرنسا؟''. وانتقد النائب محمد طيبي، عن جبهة التحرير الوطني، ''غياب آليات المراقبة للعقود في مجال النفط في مشروع القانون المطروح''، مطالبا بإنشاء ''مجلس للطاقة يتكون من فعاليات تشريعية حتى ندعم المفاوض الجزائري في المفاوضات التي تعرف كثيرا من المناورات''، لافتا إلى أن ''الضرورة تحتم أن يتحول النفط إلى قوة تفاوضية وليس تجارة وفقط''. ويعتقد كثير من نواب البرلمان أن العقود التي تبرمها سوناطراك مع الشركاء الأجانب ''غير شفافة''، قياسا لما قاله النائب سعد قيشاوي، عن الأفالان: ''لماذا لم تنطلق تحقيقات بعد حول شركة ''سايبام'' رغم أن القضاء الإيطالي يتحدث عن صفقات مشبوهة مع سوناطراك فاقت ال190 مليون أورو''، وسانده زميله في نفس الحزب، لزهر حمادو، الذي شدد على ''ضرورة التدقيق في جمع التفاصيل الخاصة بالعقود وتعزيز سلطة الضبط لقطاع المحروقات''. وحرص النائب لمين عصماني، عن الحركة الشعبية الجزائرية، على ضرورة ''مراجعة الجباية البترولية للجماعات المحلية''، وبدوره عاد لملف سوناطراك متسائلا عن ''غياب الشفافية في التوظيف وتوريث المناصب''. وشكل موضوع استغلال الغاز الصخري محور انقسام بين نواب البرلمان، حيث أن الملف ''أخل'' بتصنيفات الموالاة والمعارضة، حيث عارضه عدد كبير من نواب الأفالان والأرندي، ووقف إلى جانبه نواب حزب العمال، وصرح نائب رئيس المجموعة البرلمانية للأفالان، طليبة بهاء الدين، قائلا: ''أقترح تعديلا لمشروع هذا القانون ينص على إلغاء كل المواد المتعلقة بالمحروقات غير التقليدية''. لكن النائب حبيب فغلو، من حزب العمال، رأى أن ''الحملات ضد استغلال هذا الغاز تروج لها دوائر على أساس حيلة دولية لمنع الجزائر من التطور في هذا المجال''، وسانده زميله في الحزب رمضان تعزيبت الذي قال: ''ندعم الملف بما أن الوزير تعهد بأن الحكومة لن تمنح أي رخصة تنقيب عن الغاز غير التقليدي إلا لمن يلتزم بدفتر شروط حماية البيئة''. وفي رأي تعزيبت، فإن ''أهم شيء في القانون هو وجود قاعدة 51/49 التي صمدت الجزائر في الثبات عليها رغم الضغوط الدولية''.