قبل أن ينهار القذافي.. ويستسلم للقابضين عليه في ذلك المكان غير النظيف.. كان قد أعلى أهرامات من الخزعبلات.. وبنى دولة وهمية خزنها في رأسه المتكلس.. فعل ذلك بداعي جنون العظمة حينا.. وبسبب العته السياسي حينا آخر.. كان يحتفظ بالرقم القياسي لأطول تسمية تحوزها دولة في العصر الحديث.. أعني (الجماهيرية العربية الليبية الاشتراكية العظمى).. وهي تركيبة خماسية ثقيلة ومزعجة. وإذا كان من طبع القذافي وانتفاخاته أن يرى نفسه عظيما جدا.. وواسعا جدا.. فتسمى بملك ملوك إفريقيا.. وباني النهر العظيم.. والحاكم الذي لا يحكم .. وقائد الشعب المسلح.. فإن المصيبة تكمن في أولئك الذين سايروه وصفقوا له.. وقرعوا له الطبول.. وكانوا سفراء فوق العادة.. لجماهيرية لم تكن موجودة إلا في أوهام الزعيم وترهاته. **** الآن وقد تبخر القذافي في الصحراء.. وصدر قرار رسمي بالاستغناء عن جماهيريته العظمى لفائدة “دولة ليبيا".. انتقل الرقم القياسي من القذافي إلينا نحن الجزائريين.. أعني إلى (الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية).. وهذا إنجاز استثنائي في عالم الأرقام القياسية.. نتساءل عن مدى مطابقته واقع الحال؟ ما نعرفه.. أن شرط الجمهورية الأول هو ألا يحكمها ملك غاشم أو ديكتاتور سفاح أو جماعة من المتسلطين.. ينتهبونها ليلا.. ويتحدثون باسمها نهارا.. وشرط الجزائرية أن تكون مستقلة جوا وبرا وبحرا.. وأن تستغني عن استيراد الوزراء.. وأن تكون دولة لكل الجزائريين بغير تمييز بينهم.. وشرط الديمقراطية ألا يذبح فيها الصندوق الانتخابي في وضح النهار.. وعندما يسيل دمه أنهارا يؤبنه المزورون .. وشرط الشعبية ألا تكون دولة أشعب. لا أقول لكم شيئا.. غير أني أدعوكم لتحكموا بأنفسكم.