جريمة بشعة تقشعر لها الأبدان وتهتز لها المشاعر وتبكي لها العيون.. هذا ما أحدثه نزول خبر العثور على جثتي هارون وإبراهيم مذبوحين، بعد 48 ساعة من اختطافهما بالمدينة الجديدة على منجلي في قسنطينة، فلم يكن يتصور الجزائريون يوما أن يعيش بين ظهرانيهم أو ينتسب إلى بلادهم.. من يمرر السكين على رقاب الأطفال.. فيغتال الإنسانية قبل أن يغتال الإنسان. لا تكفي الكلمات لترطيب قلبي الأمين المفجوعين، أو الأبوين المكلومين بفقد فلذتي كبدهما، أو مواساتهما في مصابهما، لكن هول المأساة، يدفع للتوقف قليلا مع أهل الخبرة والقانون والشريعة، حول هذه الظاهرة التي باتت تنخر المجتمع وتهدد أمنه واستقراره. وفي تعليقه على الخبر الفاجعة، يقول الدكتور المتخصص في الشريعة الإسلامية، يوسف نواسة، إن الأصل فيمن يتعدى على النفس البشرية أنه وحش آدمي لأن النفس البشرية واحدة، لكن أن تقتل البراءة بهذه الوحشية، وأن تتكرر هذه الجرائم في هذه الفترة الزمنية القصيرة، فإن الأمر يوجب التأمل الشديد في الظاهرة.. وعن سبب جرأة هؤلاء الوحوش البشرية، يذكر الأستاذ: “هؤلاء العتاة المجرمون، لم يجدوا من يردعهم، وقد ظهر بما لا يدع مجالا للشك، أن النظام العقابي ليس كافيا في بلادنا، وإذا كان الإسلام يخوفنا من عقاب الله عز وجل في الآخرة، فإنه لم يهمل القصاص في الدنيا، وطالب حكامنا أن يردعوا هؤلاء المجرمين بما شرعه لهم في الدين، والقول المأثور يقول بأن الله يزع بالسطان ما لا يزع بالقرآن".. انتشار هذه الظاهرة يعزوها الأستاذ إلى تدهور النظام القيمي في المجتمع، وهذا عبرة لكل من يدعو إلى الابتعاد عن شرع الله، فلو طبق الإعدام على غيرهم من قبل، لارتدعوا عن فعلتهم ولما استفحل الأمر إلى هذا الحد، الذي بتنا نسمع فيه كل يوم عن عائلات مكلومة بفقد أولادها في أبشع صور القتل جاهلية… وحول توصيف هذه الجريمة من الناحية الشرعية، يتابع الأستاذ نواسة قائلا “الأصل أن من مات مغدورا به يسمى عند الله شهيدا، لكن ما حدث للطفلين يسمى في دين الله الحرابة، وهو أكثر من القتل، وحده على مرتكبيه، أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أرجلهم وأيديهم من خلاف أو ينفوا من الأرض، كما تنص آيات الذكر الحكيم". وعطفا على كلام الأستاذ نواسة، تقول المحامية المتخصصة في قضايا اختطاف الأطفال، مسلم نورة، أن هذه الظاهرة، تعدت كونها حوادث فردية يقوم بها منحرفون ضد أطفال برآء، إلى ظاهرة تمس بأمن واستقرار الجزائر قاطبة، لأن كل الأسر الجزائرية صارت تحس أن أبناءها في خطر .