خالف شباب الجنوب الجزائري توقعات بعض الأطراف الخارجية التي حاولت استغلال قضيتهم العادلة لأغراض أخرى، وهذا بعدما حولوا مسيرتهم الاحتجاجية إلى وقفة للتعبير عن حبهم لبلادهم ورفضهم للتدخل الأجنبي في شؤون الجزائر، متمسكين في نفس الوقت بحقوقهم الاجتماعية المشروعة بعيدا عن أي تسييس أو “بزنسة" بوحدة التراب الوطني، فكان نشيد قسما الذي ردده آلاف الشباب ردا واضحا على دعاة “الانفصال" والباحثين عن ضرب استقرار البلاد باستعمال أبناء الجنوب. وقدم شباب الجنوب الجزائري درسا في الوطنية بمناسبة المسيرة الاحتجاجية التي نظموها للمطالبة بالعمل وتحسين ظروف حياتهم المعيشية والمهنية، موجهين بذلك صفعة قوية للصحافة الغربية التي تنبأت بتحويل المسيرة إلى احتجاجات عنيفة، وبعض الصحافة العربية التي تكهنت بدخول الجزائر في دوامة الفوضى من بوابة الجنوب. واعترفت الصحافة الدولية والعربية بفشل توقعاتها إزاء مسيرة أهل الجنوب الجزائري، حيث كتبت جريدة الشرق الأوسط تحولت المسيرة التي دعت إليها اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق العاطلين في الجنوب الجزائري، إلى تجمع احتجاجي سلمي ب«ساحة الحرية" بولاية ورڤلة، حيث طالب من خلالها الشباب المحتج الحكومة الجزائرية بضرورة تبني مطالبه، ونقلت الصحيفة عن الطاهر بلعباس، المنسق الوطني للجنة للدفاع عن حقوق العاطلين في الجنوب الجزائري، “نرفض الاتهامات الموجهة للجنة في استنساخ ظاهرة الربيع العربي في الجزائر من خلال قوله “نحن لسنا معنيين بالربيع العربي"، مشيرا إلى أن “من خرجوا في المسيرة لا يمثلون كل المجتمع، بل فئة العاطلين فقط. أما اتهامنا من طرف السلطة بالعمالة لأطراف أجنبية فهذه التهم مردود عليها ولا أساس لها. لا يوجد بيننا من يتعامل مع الأجانب ويتآمر على أبناء شعبه ووطنه". وتحت عنوان احتجاج سلمي لبطالي الجنوب، كتب موقع فرانس 24 باللغة الفرنسية، معترفا في نفس الوقت بنجاح المسيرة التي جرت في ظروف أمنية محكمة ودون أية تجاوزات، حيث أولى موقع فرانس 24 اهتماما كبيرا للشعارات التي رفعها شباب الجنوب الجزائري بمدينة ورڤلة والتي تصب في معظمها في المطالب الاجتماعية بعيدا أعن أية توجهات سياسية، حيث رفع المتظاهرون شعارات تنتقد الحكومة، أبرزها “يا للعار يا للعار، باعوا الصحراء بالدولار"، وطالبوا بمحاكمة كل المتورطين في قضايا فساد وإطلاق سراح العاطلين عن العمل المسجونين.