يعود رئيس حركة مجتمع السلم الشيخ أبوجرة سلطاني إلى ماحدث في مدينة جنيف السويسرية قبل أيام، عندما تحدثت بعض العناوين الصحفية عن هروبه خوفا من الاعتقال على يد الشرطة بتهمة تعذيب شخص يسمى أنور مالك، ويؤكد شيخ حمس في حواره مع ''البلاد'' أن مصالح عدة تقاطعت في هذه ''الفرية'' التي تنسفها حقيقة واحدة: وهي أنه كان خارج الوطن في مهمة رسمية في نفس اليوم الذي قال فيه المدعي إنه تعرض للتعذيب بحضور سلطاني! هل يمكن أن نعرف ماذا حدث في سويسرا؟ بداية، تنقلت إلى جنيف من القاهرة يوم الخميس 15 أكتوبر 2009 بدعوة من رابطة مسلمي سويسرا للمشاركة في الملتقى الأسري الذي تنظمه سنويا تحت شعار ''أسرة مستقرة''. وعند وصولي زرت كالعادة السلك الدبلوماسي الجزائري المعتمد في جنيف زيارة مجاملة وتواصل مع الجالية.. والتقيت بمجموعة من أفراد الجالية الذين نظموا لي جلسة مطولة استمرت إلى منتصف الليل تناولنا خلالها شرح أوضاع الجزائر وما حققه ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، كما عرجت بالحديث الوضع الداخلي للحركة والآفاق المستقبلية، وأجبت عن أسئلة الحاضرين، وعند نهاية الجلسة اتفق على أن أؤم المصلين في صلاة الجمعة ليوم الغد. وصبيحة الجمعة 16 أكتوبر 2009 أبلغت أن مجموعة من الشباب الجزائريين يخططون للتشويش علي داخل المسجد الذي سوف القي فيه خطبة الجمعة، وبعد مشاورات مع المسؤولين تقرر عدم إلقائي لخطبتي الجمعة والاكتفاء بالصلاة مع الناس احتراما لحرمة المسجد. وتفويتا للفرصة على الصائدين في المياه العكرة. بعد صلاة الجمعة، تجمهر مجموعة من الشباب بانتظاري ودخلوا معي في نقاش حاد حول الحكومة الجزائرية والتحالف والمأساة الوطنية والمفقودين والشيخ محفوظ نحناح (رحمه الله) والمشردين، وأثاروا كل الحكاية القديمة المعروفة منذ عام,.1992إلخ. أردت إعادة النقاش إلى إطاره الحضاري وإقناعهم بالعودة إلى أرض الوطن واقترحت عليهم التوسط لهم لتسهيل هذه المهمة الأخوية والإنسانية في إطار ميثاق السلم والمصالحة، وقد ساعدني بعض أهل الخير على نزع فتيل التشنج، وكان بعض الحاضرين من الناضجين حيث قاموا بتهدئة إخوانهم، وبعد لحظات من النقاش هدأت الأوضاع، لكن آخرين تطرفوا وتوعدوا بالانتقام وقالوا:''إن الله يمهل ولا يهمل''. وفي ليلة السبت 17 أكتوبر 2009 تناهى إلى علم منظمي الملتقى أن هناك من يخطط للتشويش على سير الأعمال في الملتقى المقرر عقده في مقاطعة فريبورغ ولأن أوضاع الجالية لا تسمح بمزيد من التوتر في ظل استفزازات ضد الإسلام تحركها جهات متطرفة تحت غطاء ''مناهضة الصوامع'' هدفها الدعوة إلى هدم صوامع المساجد كونها رموزا للتطرف والتمييز بزعمهم، ولأن أي توتر جديد قد يساهم في تحريك أحداث شعب تساهم في صب الزيت على النار، ولأن الذين تجمهروا أمام المسجد بالأمس قد كشفوا عن نياتهم تجاه ما كان مبرمجا، وأن المستهدف ليس شخصي، وإنما ما أمثله بصفتي رئيسا لحركة إسلامية ووزيرا للدولة سابقا والحركة طرفا في التحالف..إلخ، وبعد مشاورات واسعة قدَّر القائمون على شؤون الدعوة في سويسرا والمنظمون للملتقى أنه من مصلحة الجالية، وحفاظا على العلاقة الطيبة بين أفراد الجالية، وحتى لا تتسبب هذه التظاهرة في إحراج الرابطة أو إزعاج السلطات السويسرية تقرر الاكتفاء بلقاء مع الجزائريين والعودة إلى أرض الوطن لتفويت الفرصة على من يريدون إحداث توترات بين السلطات السويسرية ورابطة مسلمي سويسرا بالإساءة إلى ضيوف الرابطة(ولاسيما أنه قد حصل مثل هذا في مؤتمرات سابقة، بل داخل المسجد، مع عدة علماء). وفي يوم السبت 18أكتوبر2009 سافرت من مطار جنيف على متن الخطوط الجوية الجزائرية متجها إلى الجزائر في رحلة عادية، وكان في توديعي سفير الجزائر في بيرن وقنصلها العام في جنيف. ولما وصلت إلى مطار هواري بومدين سبقتني أخبار تتحدث عن اختطافي في سويسرا أو اعتقالي في مقاطعة فريبورغ، هذا كل ما حدث بدقة. في تقديركم ما هي الأطراف التي تقف وراء هذه الحملة؟ هذه الحملة لم تأت من فراغ، بل جاءت بتنسيق من أطراف متعددة تقاطعت مصالحها في مناهضة الحركة ومحاولة إضعافها، بعضها جلي وبعضها الآخر خفي.. هناك خصوم إيديولوجيون تقليديون ينتهزون كل الفرص للنيل من كل ما هوإسلامي وطني عروبي في الجزائر وقصد تشويه الحركة من خلال تشويه رئيسها ووزرائها وإطاراتها والتغطية والتعتيم على الإنجازات الكبيرة التي حققوها في الميدان. كما أن للحركة خصوما سياسيين وحزبيين يريدون النيل من موقعها في الساحة وتجريم موقفها في التسعينيات عندما كانت مواقفها واضحة من العنف وقتل الجزائريين، إذ رفعت آنذاك شعار ''كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه'' كما جاء في الحديث الشريف، إضافة إلى شعار ''لسنا طرفا في الأزمة بل نحن طرف في الحل''، إضافة إلى وقوف الحركة إلى جانب الدولة الجزائرية التي كانت مهددة بالانهيار والحرب الأهلية والتدخل الأجنبي. وقد أثبت التاريخ صواب موقف الحركة الذي لم يكن تصعيديا ولا دافعا باتجاه التوتير بل كانت تدعو إلى المصالحة الشاملة وحقن دماء أبناء الوطن الواحد، وتبرئة الإسلام من تهمة الإرهاب كما لازالت تدعو إلى ترقية المصالحة الوطنية كما جاء في الحملة الانتخابية للرئيس بوتفليقة في رئاسيات .2009 ولكن بعض العناصر المعروفة بمشاريع التطرف والغلو بدل أن تنخرط في المصالحة وطي صفحة الأزمة نهائيا.. فضلت التشويش والتصعيد والهروب إلى الأمام. وإلى جانب هؤلاء، تحركت المنظمة المسماة ''تريال'' التي تغلغل فيها الكثير من المعارضين للنظام الجزائري باستهداف ثلاث عناصر بحجر واحد: أبوجرة سلطاني باعتباره وزير دولة ورئيس حركة مجتمع السلم. استهداف الحركة لأنها مشاركة في السلطة فأرادوا تجريم موقفها مما شهدته الجزائر في التسعينيات. استهداف الدولة الجزائرية لانتهاجها نهج المصالحة الوطنية ونجاحها في هذا المسعى. هناك من يتحدث عن دور ما للمنشقين عن الحركة في القضية، ما مدى صحة هذا الطرح برأيكم؟ المؤكد أن لبعض المنشقين دورا في هذه الحملة من خلال تسريبات، الغرض منها أربعة أهداف: التملص من استحقاقات الصلح ووحدة الصف، لأن الكرة الآن في مرماهم، ولا سيما بعد أن راسلناهم والتزمنا بالاستجابة للمطالب الثلاثة عشر. تشويه صورة الحركة باستهداف سمعة رئيسها ووزرائها وقياداتها. إرباك المناضلين وإشغالهم بهذه القضية، عن أهدافهم في خدمة الإسلام والوطن والمواطنين. إضعاف الحركة أمام شركائها وتشويه سمعتها أمام الرأي العام الوطني والدولي. تحدثتم عن ثلاثة أطراف، لكن ماذا عن صاحب الدعوى المدعو أنور مالك؟ أنا لا أعرف هذا الشخص، وإن كان يقول إنه من نفس بلدتي ويعرف بعض أفراد عائلتي، حيث شاهدته للمرة الأولى على شاشة قناة الجزيرة. مقاطعة: إذن لماذا استهدف شخص أبوجرة سلطاني بالتحديد؟ ربما بحكم معرفته ببعض مواطن المنطقة،، مما يعتقد أنه سيضفي على مايقول مصداقية ما. كما أنه يريد البحث عن الشهرة من خلال استهداف شخص وزير دولة ورئيس حركة كبيرة، إذ سبق لهذا الشخص أن استعمل هذا الأسلوب في قضية دس المخدرات حين اتهم قيادات ونوابا سابقان في الحركة وصحفيا معروفا، واعتذر للصحفي في المحكمة قائلا له: ''ما ذكرتك إلا لأنك مشهور''، (ويمكن العودة إلى الواقعة كلها في أحد أعداد جريدة الخبر العام 2005). إضافة إلى رغبته في تعزيز صورته كلاجئ سياسي معارض للنظام الجزائري من خلال الظهور بمظهر الضحية بدل كونه متورطا ومدانا في قضايا نصب واحتيال كثيرة بحيث تمت إدانته وسجن بسبب ذلك من قبل العدالة الجزائرية عدة مرات، قبل فراره من الجزائر إلى الخارج، وتنصيب نفسه مهانجما لتاريخها ورجالاتها ومؤسساتها. بعد كل هذا، هل تملكون أدلة مادية على ''زيف'' ما قاله صاحب الدعوى؟ زيادة على الأدلة الكثيرة التي تثبث كذبه إلى جانب شهادة السجين حميد مباركي لجريدة ''الشروق اليومي'' قبل أيام، حيث كذب كل ادعاءات هذا الشخص وسخر من قضية اتهام أبوجرة بالتعذيب، واعتبرها ''نكتة مضحكة''. زيادة على كل هذا، أملك أدلة كثيرة وسأكتفي بدليل واحد دامغ يثبت كذبه وتهافت ادعاءاته كوني في التاريخ الذي ذكره المدعي وهوالفاتح من جويلية 2005 كنت خارج الوطن في مهمة رسمية. هل من كلمة أخيرة؟ عادة ما تتعرض الدعوات الكبرى للتشهير، وإذا كان الرسول صلى الله علي