هي سابقة في تاريخ كرة القدم في الجزائر، فبعد سنوات خيبة الأمل في الفريق الوطني لكرة القدم، جاءت تشكيلة عمرها لا يتجاوز ستة أشهر قائدها الشيخ رابح سعدان فأعادت للجزائريين السعادة والافتخار بالذات. منحت تشكيلة المدرب سعدان فرحة لم يعرف الجزائريون ذوقها منذ سنوات خاصة خلال عشرية دموية دفنت الأحزان في أعماق مشاعرهم. واستطاع هؤلاء الأشبال في ظرف قياسي في إيقاظ ذلك العملاق النائم: ''الروح الوطنية وحب الوطن''، وعبروا عنها في الشوارع نساء رجالا وشيوخا وأطفالا وعجائز من حرائر الجزائر، واستعاد الشعب الثقة الكاملة في منتخبه الوطني الذي مكنه من المشاركة في دورة كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا حيث ستُرفرف راية الجزائر الممثل الوحيد للعرب أمام رايات كبار نجوم وصانعي كرة القدم العالمية. وتعززت ثقتهم تلك في موقعة أم درمان بهدف قاتل مؤهل لهذا المونديال من قبل المدافع عنتر يحيى، ومنذ ذلك لم يتوان الأنصار الجزائريون الذين شهدوا تلك الواقعة عندما تنقلوا بالآلاف للوقوف إلى جانب فريقهم، عن مواصلة المساندة والتشجيع خلال الدورة ال27 لكأس أمم إفريقيا بأنغولا منذ 11 من شهر جانفي. الجزائريون رغم هزيمة الخضر المفتعلة أمام منتخب الفراعنة في الدور نصف النهائي من ''الكان''، خرجوا إلى الشوارع وحولوا ليلة الجزائر يوم الخميس إلى صباح مشرق، قضوا ليلة بيضاء هاتفين باسم الجزائر وأبطالها، انبهر العالم لذلك الموقف بعدما كان ينتظر عكس ذلك، لكن الأنصار تأكدوا أنهم يملكون فريقا قويا وبالتالي تلك النتيجة لم تكن تتهمهم ووعدوا بإعادة استقبال أبطال الجزائر على الطريقة التي استُقبلوا فيها لدى عودتهم معركة أم درمان بالسودان. ''البطاقات الحمراء'' لن تفارق الجزائريين بعد اليوم! وأوفى الجزائريون أمس بوعدهم عندما تنقلوا بالآلاف إلى مطار هواري بومدين لاستقبال الفريق الوطني لكرة القدم، حيث بدأت الحشود تتوافد وبأعداد كبيرة، فجر أمس، كانت تشير الساعة إلى السادسة والنصف صباحا عندما وصلنا إلى المطار، حيث وجدنا مئات من الشباب والفتيات ينتظرون قدوم الأبطال، وكانت خيوط الليل لم تنجل بعد، حاملين الأعلام الوطنية مرددين الأناشيد المشيدة بإنجازات الخضر، هاتفين على وقع نغمات وموسيقى ''وان تو تري فيفا لالجيري''، ''آلي، آلي في أنغولا راهم حقرونا'' وغيرها من الكلمات التي تزيد من الحماس، مهنئين أبطالهم على المشوار الجد مشرف في أشهر المنافسات الإفريقية. ولم تفارق المشجعين ''البطاقات الحمراء'' تعبيرا منهم عن استيائهم العميق والكبير من التحكيم الكارثي خلال مقابلة الجزائر مصر لصالح هذه الأخيرة، كان بطلها الحكم البينيني كوفي كوجيا، وأكدوا أن تاريخ البطاقات الحمراء سوف يبقى راسخا في أذهانهم كرسالة لمسؤولي كرة القدم في إفريقيا لخطورة المؤامرة التي تعرضت لها الجزائر في بنغيلا يوم 28 جانفي .2010ورغم برودة الطقس إلا أن الأنصار لم يتحركوا من أماكنهم في انتظار أن تحطّ طائرة الأبطال، رافعين الأعلام الوطنية. الأنصار لم يتأخروا في التعبير عن فخرهم لما حققه فريقهم الكبير وتلك اللحظات الكبيرة من السعادة التي أدخلوها في قلوب الملايين من الجزائريين، فهي تحية تقدير وعرفان من شعب أبيّ لا يعرف الهزيمة.