بعد غياب دام لأكثر من 24 سنة، يعود المنتخب الوطني لكرة القدم بقيادة الناخب الوطني «رابح سعدان» إلى المشاركة في نهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا حاملا بمفرده آمال وطموحات كرة القدم العربية في نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا بعدما أصبح ممثلها الوحيد في النهائيات. وعلى الرغم من السمعة الكروية الجيدة التي حققها المنتخب الوطني في الثمانينيات من القرن الماضي بعد المستوى الذي ظهر عليه في نهائيات كأس العالم 1982 بإسبانيا وعودته للمشاركة بالنهائيات في البطولة التالية مباشرة عام 1986 تبدو الإحصائيات مخيبة لآمال كرة القدم الجزائرية، حيث اقتصرت مشاركاته السابقة في كأس العالم على هاتين البطولتين كما اقتصرت إنجازاته على الفوز بلقب كأس الأمم الإفريقية التي استضافتها بلاده عام 1990. وبعد تألق الكرة الجزائرية وفرض نفسها على الساحة الإفريقية بقوة في الثمانينيات في ظل وجود جيل رائع يضمّ العديد من النجوم مثل «رابح ماجر» و«لخضر بللومي»، فشلت الكرة الجزائرية بعد ذلك على مدار ما يقرب من عقدين من الزمان في ترك بصمة حقيقية على الساحة رغم عشق الجزائريين لكرة القدم وارتفاع نسبة الشبان بين سكان الجزائر الذي يقترب تعدادها من 40 مليون نسمة. وما زالت ذكريات بطولة العالم 1982 بإسبانيا تطغى على أي حديث عن كرة القدم الجزائرية بعدما فجر الفريق في هذه البطولة مفاجأة من العيار الثقيل بالفوز «2-1» على منتخب ألمانياالغربية وهي المباراة التي منحت «رابح» و«بللومي» شهرة عالمية. ولكن المنتخب الوطني لم يستطع مواصلة النجاح في مجموعته بالدور الأول للبطولة حيث سقط في المباراة الثانية أمام نظيره النمساوي «0-2» ولم يستفد من الفوز الذي حققه على منتخب تشيلي «3-2» بسبب نتيجة المباراة الأخرى في المجموعة بين منتخبي ألمانياالغربية والنمسا والتي صعدت بالفريقين سويا للدور الثاني، فيما اعتبره كثيرون من بين أشهر المؤامرات في تاريخ بطولات كأس العالم وكرة القدم بشكل عام. عام 1990.. نهاية عصر واعتزال جيل وبعدها بأربع سنوات عاد المنتخب الوطني للظهور في نهائيات كأس العالم 1986 بالمكسيك ولكن القرعة لم تخدم الفريق، حيث أوقعته في مجموعة واحدة مع نظيريه البرازيلي والإسباني ليخسر المباراتين «0-1» و«0-3» على الترتيب بينما تعادل «1-1» في مباراته مع أيرلندا الشمالية. وبعدها حالف الفريق الوطني الحظ للمرة الوحيدة في تاريخه عندما استضافت الجزائر نهائيات كأس الأمم الإفريقية عام 1990 ليتوّج الفريق بلقبها بعد الفوز على نظيره النيجيري «1-0» في النهائي. ولكن هذه البطولة كانت بمثابة نهاية عصر التألق للمنتخب الوطني واعتزال جيل من لاعبيه البارزين الذي قادوا الفريق لترك بصمته على ساحة كرة القدم لسنوات طويلة تتجاوز عقدا من الزمان. وعانت الكرة الجزائرية بشكل عام والمنتخب الوطني بشكل خاص من تراجع المستوى على مدار العقدين الماضيين بل وفشل الفريق في الوصول لنهائيات كأس الأمم الإفريقية أكثر من مرة ومنها كأس الأمم الإفريقية 2006 بمصر و2008 بغانا. ولكن الفريق عاد أخيرا للانتصارات وحقق إنجازين حقيقيين في الفترة الماضية بتأهله لنهائيات كأس الأمم الإفريقية 2010 بأنغولا وكأس العالم 2010 بجنوب إفريقيا بعدما تصدر مجموعته في التصفيات المزدوجة المؤهلة للبطولتين. انتعاش الخضر على حساب "الفراعنة" وقبل بداية التصفيات كانت نسبة محدودة من الترشيحات تصب في مصلحة المنتخب الوطني في ظل المستوى المتردي للكرة الجزائرية على مدار السنوات الماضية.ولكن الفريق نجح في عبور الدور الأول بالتصفيات من خلال الفوز على ليبيريا وغامبيا والسنغال والتعادل إيابا مع ليبيريا بينما خسر مباراتين أمام السنغال وغامبيا. وأوقعته قرعة الدور النهائي بالتصفيات في مجموعة تضمّ منتخبات مصر ورواندا وزامبيا لتذهب معظم الترشيحات في البداية تجاه المنتخب المصري الفائز بلقب إفريقيا عامي 2006 و2008 وصاحب التاريخ الحافل بالإنجازات. وعلى الرغم من البداية المتوسطة للمنتخب الوطني في المرحلة النهائية من التصفيات بالتعادل السلبي مع مضيفه الرواندي جاءت مباراته التالية في التصفيات لتقلب الأوضاع في المجموعة الثالثة رأسا على عقب بعدما حقق فوزا ثمينا على ضيفه المصري «3-1» في مباراة غريبة. وكانت هذه المباراة سببا في إنعاش وإحياء الكرة الجزائرية بأكملها من العدم حيث استعاد الفريق ثقة كبيرة غابت عنه لسنوات طويلة وبدأ مرحلة البحث عن بطاقة التأهل من هذه المجموعة.واقترب "محاربو الصحراء" كثيرا من التأهل خاصة بعد سقوط المنتخب المصري في فخ التعادل السلبي على ملعبه أمام زامبيا في بداية التصفيات. ولكن صحوة "أحفاد الفراعنة" أعادتهم للمنافسة مع الجزائريين على بطاقة المجموعة حتى جاءت مباراة الفريقين بالقاهرة في ختام التصفيات لتشهد قمة الإثارة بهذه المجموعة حيث حقق المنتخب المصري الفوز «2-0» الذي كان كفيلا بدفع الصراع بين الفريقين إلى مباراة فاصلة في السودان. حجز المقعد ال 6 لإفريقيا في نهائيات المونديال وانتهت المباراة الفاصلة بفوز المنتخب الوطني «1-0» على عكس معظم التوقعات ووسط موجة عارمة من الشغب خارج ملعب أم "درمان" وعقب المباراة، ليحجز المنتخب الوطني المقعد السادس للقارة الإفريقية في نهائيات كأس العالم التي تقام للمرة الأولى بالقارة السمراء. فأصبحت طموحات الفريق الوطني بقيادة المدير الفني الوطني «رابح سعدان» تتركز في تكرار العروض القوية التي قدمها في كأس العالم 1982 مع محاولة عبور الدور الأول. ويعتمد «سعدان» مجموعة من اللاعبين تجمع بين الشباب وأصحاب الخبرة كما تجمع بين لاعبي البطولة الوطنية والمحترفين في بعض الأندية بالخارج مثل «رفيق صايفي» الذي يبلغ 34 عاما نجم الخور القطري وكريم مطمور صاحب ال 24 عاما مهاجم بوروسيا مونشنغلادباخ و«كريم زياني» الذي يبلغ 27 ربيعا لاعب خط وسط فولفسبورغ الألماني. «رابح سعدان».. شيخ المدربين عاد رابح سعدان صاحب ال 63 عاما إلى تدريب المنتخب الوطني في عام 2008 بعد فوزه مع فريق وفاق سطيف بلقب رابطة أبطال العرب عامي 2007 . وسبق ل «سعدان» أن قاد المنتخب الوطني في الفترة من 1981 إلى 1982 ومن 1984 إلى 1986 ونجح معه في الوصول لنهائيات كأس العالم عامي 1982 و1986، كما تولى تدريب الفريق في عام 2004 ووصل معه إلى ربع النهائي في بطولة كأس الأمم الإفريقية 2004 بتونس وبعدها انتقل لتدريب منتخب اليمن ثم عاد للجزائر ليدرب وفاق سطيف ومنه مجددا إلى تدريب المنتخب الوطني. وإلى جانب ذلك، تولى «سعدان» تدريب عدد من الفرق الأخرى كان أبرزها الرجاء البيضاوي المغربي الذي فاز معه بلقب رابطة أبطال إفريقيا عام 1989 بالفوز على مولودية وهران بركلات الترجيح في المباراة النهائية للبطولة. وكان «سعدان» هو الحل الأمثل دائما أمام مسؤولي كرة القدم في الجزائر لإعادة التوازن إلى الفريق بعد فشل مدربيه الأجانب خاصة مع كثرة تغيير المدربين الذين أشرفوا على الفريق فبلغ عددهم 34 مدربا منذ 1962 وحتى الآن. ويحلم «سعدان» حاليا بقيادة المنتخب الوطني إلى عبور الدور الأول في كأس العالم للمرة الأولى في التاريخ بعد أن قاده للنهائيات في 2010 بجنوب إفريقيا.كما كان أول مدرب جزائري يؤهل المنتخب الوطني للمونديال وكان ذلك سنة 1979 حين ساهم في اقتطاع فريق الأشبال تأشيرة المشاركة في كأس العالم باليابان. ويتميز «سعدان» بشخصية قوية وهادئة حيث يلومه عدد من أصدقائه ومنافسيه على قدرته الفذة في الحفاظ على هدوءه في المباريات الساخنة والشديدة التنافس. ويبقى «سعدان» رجل النجاحات والتألق. وقد أظهر ذلك حين كان على رأس العارضة الفنية للرجاء البيضاوي أو النجم الساحلي التونسي. وبلغت شهرته ذروتها حين عين للإشراف على المنتخب الوطني في الوقت الذي كان يعاني هذا الأخير من بعض الصعوبات. وكان ل «سعدان» كل الفضل في تنظيم بيت المنتخب الوطني. ولم يخش «سعدان» تولي مهمة قيادة "الخضر" حين كان هذا الأخير يمر بأحلك أوقاته من أجل إصلاح ما دمره المدربون الأجانب. وتجمع كل الفرق والمنتخبات التي أشرف عليها «سعدان» أنه رجل يجلب البركة وحسن الطالع، وأنه بكل بساطة رجل شغوف بكرة القدم وبالتدريب. كما أنه كان مدافعا قبل أن يصبح مدربا ثم قائدا يكن له لاعبوه كل الاحترام والتقدير. لذا فإنه يستحق بحق لقبه "رابح" و"سعدان" أو "السعيد" حيث ذاق بفضله "الخضر" مجددا طعم الفوز وأعاد أجواء البهجة والفرحة إلى ملايين الجزائريين الذين ما فتئوا يرددون ويدعون له بالعمر المديد. «رفيق صايفي».. نجم الفريق رغم بلوغه الرابعة والثلاثين من عمره ، ما زال «رفيق صايفي» أبرز نجوم المنتخب الوطني ويمثل عنصرا أساسيا يعتمد عليه «رابح سعدان» المدير الفني للفريق في تشكيل الفريق وخططه للمباريات خاصة الصعبة منها. وبدأ «صايفي» مسيرته مع احتراف كرة القدم في فريق مولودية العاصمة موسم 1996/1997 ولكنه انتقل بعد موسم 1998/1999 إلى أوروبا، حيث لعب لفريق تروا الفرنسي وقضى في صفوفه أربعة مواسم في بطولة الدرجة الأولى وموسم 2003/2004 ببطولة الدرجة الثانية حيث خاض مع الفريق 110 مباريات سجل خلالها 19 هدفا. وبعدها انتقل «صايفي» إلى فريق إيستر الفرنسي أحد أندية الدرجة الأولى آنذاك وظل فيه موسما واحدا سجل خلاله أربعة أهداف في 35 مباراة قبل الانتقال لأجاكسيو الفرنسي لكنه لم يسجل سوى هدفين في موسم واحد بصفوف الفريق لينتقل بعد ذلك إلى لوريان الفرنسي ومنه إلى الخور القطري في أوت الماضي. أما على مستوى المنتخب الوطني، فكانت مشاركته الأولى مع الفريق في عام 1995 وسجل أول هدف له مع الفريق في 28 فيفري 1999 في شباك ليبيريا. ويتميز «صايفي» بقدراته على المراوغة ومهارات أخرى جعلته يتمتع بشعبية كبيرة في كامل ربوع الوطن. المنتخب الوطني في سطور.. اللقب: "محاربو الصحراء" أو "الخضر". تأسيس الاتحاد الجزائري للعبة : عام 1962 . الانضمام للفيفا : عام 1963 . أفضل مركز في تصنيف الفيفا : 28 في نوفمبر 2009 . أسوأ مركز في تصنيف الفيفا : 103 في جوان 2008 . مشاركاته السابقة في كأس العالم : مرتان في عامي 1982 و1986 . أفضل نتيجة له في كؤوس العالم : الدور الأول في بطولتي 1982 و1986 . تاريخ التأهل للنهائيات : 18 نوفمبر الفارط على حساب "الفراعنة" .