تقول جدتي -شفاها الله- أن بين مسعى الجنون ومنتهى العقل شعرة رقيقة لا تعلم موقعها من الجسم ولا في الرأس، لكنها وكعادة المجربات تؤكد وجودها. كما تؤكد سهولة قطعها وتدعم جدتي حكمة العجائز بحادثة أن أحدهم كان يمزح مع أخيه بسكين وجهه إلى بطنه وفي لحظة انقطاع للشعرة المعروفة، جن حامل السكين فطعن أخاه وفقد عقله. ورغم أني لا أدري لماذا رويت حكمة جدتي ولا مناسبة أن يعرف القارئ بأن لي جدة تعيش عقدة حكومة مصابة بجنون البقر والمقاطعة، إلا أن معاشر المترشحين لركوبنا مجبرون على التأمين الشامل على الشعرة المجهولة في أيام الحملة الانتخابية حتى لا نصطدم -لا قدر الله- بفئة مضافة لمن رفع عليهم القلم دنيا وآخرة.. لو أحصينا كلام الرسميين على بعبع المقاطعة الذي يؤرق المتسولين في كافة مستويات السلطة، لوصلنا إلى نتيجة واحدة وموحدة، هي أن غباء الحكومة في معالجة الخوف أدى إلى نتيجة عكسية، فالترويج لسلعة العزوف الانتخابي لم يأت من طابو الأفافاس ولا من دكتور الأرسيدي ولا حتى من قطرات عباسي الفيس، فهؤلاء جميععم قالوا كلمة سمعها عشرة أنفار، فقامت السلطة من خلال صلاة غلام الله، وعبر فتوى الردة والكفر التي أطلقها الجنرال المتقاعد عبدالسلام بوشارب، ومن بين قفف جمال ولد عباس، بترويجها في استغباء وغباء، أن نفي النفي إثبات لتنتقل الرسالة من عشرة أنفار إلى مليون نفر، ويكفي رجال الحكومة الأشاوس فئة طابو وسعدي وعباسي مغبة الترويج لما روّج له غباء الآخر.. جدتي التي لم تكن تعني لها كلمة المقاطعة شيئا مذكورا، سألتني ببساطة الأميين عن صورة وسن هاته المترشحة الأنثى المسماة "مقاطعة التي تقلق الحكومة وتنافس بوتفليقة وتستنفر المترشحين، وحينما أخبرتها بأنها ليست امرأة وأردت أن أشرح لها الأمر، توكأت عجزها وعكازها وهي تتمتم، لم أكن أعرفها ولا أسمع عنها لكنهم قالوا إنها كافرة ومن يمشي معها أو يذكر اسمها تبطل صلاته وصيامه وحجه وحتى إسلامه.. فترى هل فقدت جدتي شعرة عقلها وبذلك سقط عنها حق الانتخاب..؟