حاولت وزارة الخارجية الفرنسية، في خرجة جريئة، تبرئة مصالحها من مسؤولية التداعيات التي صاحبت استقبال زعيم ما يعرف بحركة ''الماك''، فرحات مهني شهر مارس المنصرم من طرف مسؤولة فرع الجزائر بالخارجية الفرنسية، نافية بشكل غير صريح، ما تردد بشأن تورط الخارجية الفرنسية في مؤامرة ضد السيادة الوطنية الجزائرية. وأفاد الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية، بيرنار فاليرو، أمس، أن ''باريس متمسكة بمبدأ احترام السيادة الوطنية للجزائر على حدودها الدولية المعروفة''، مشيرا إلى أن ''حكومة ساركوزي متشبثة بتحسين العلاقات الفرانكوجزائرية وذلك في إطار ما تضمنته تصريحات الرئيس الفرنسي خلال قمة '' فرنسا-إفريقيا''. كما ذكر فاليرو أن ''الخصوصية الثقافية للأمازيغية معترف بها رسميا من طرف الحكومة الجزائرية، حيث اعتبر الدستور الجزائري اللغة الأمازيغية، لغة وطنية''. وتسعى باريس، من خلال هذا الحراك الجاد إلى تدارك ما اعتبره مراقبون للعلاقات بين البلدين ''حماقة دبلوماسية''، ورفع التهم الموجهة إليها بشأن تآمرها مع زعيم ''الماك'' المغضوب عليه في الجزائر بسبب نشوزه السياسي وولائه لإسرائيل، وهو ما يثبته إطراء الدبلوماسية الإسرائيلية ''خافيت ماريزان'' التي وصفت دون تردد فرحات مهني ب'' الصديق الذي يحظى باهتمام السلطات الإسرائيلية نظرا لدعمه - لما أسمته- الأقليات القبائلية في الجزائر، تونس، المغرب وليبيا''. إضافة إلى تصريحات زهرة شارووت، الملحقة العسكرية بالسفارة الإسرائيلية بالعاصمة الرومانية القائلة ''أن فرحات مهني اجتمع مع كبار الموساد وتلقى دعما ماليا من المجمع اليهودي الأمريكي الناشط في إطار تهويد المسلمين وتمجيد إسرائيل، قدره مليون أورو''. أما اعتراف مصالح كوشنير وإقرارها غير المباشر بخطئها عند استقبالها لمهني ومنحه فرصة تجاذب أطراف الحديث عن الشؤون الداخلية للجزائر، وتحديدا منطقة القبائل التي قال فيها ''زورا'' أن كل من ولايتي بجاية وتيزي وزو تعرفان زحفا لقوات الأمن، ما هو إلا خطوة لإحالة قصري المرادية والإليزيه على مرحلة جني ثمار قمة ''فرنسا- إفريقيا'' المنعقدة بنيس الفرنسية، والتي شكلت فضاء لوضع النقاط على ''بعض'' الحروف المبهمة ونجحت إلى حد كبير في تحريك العديد من القضايا المثيرة للفتن بين الجزائر وباريس. والمثير فيما جاء على لسان الناطق الرسمي للخارجية الفرنسية أنه لم يعلن عن موقف فرنسا الرسمي تجاه قضية إنشاء فرحات مهني، المتواجد بفرنسا، ل'' حكومة مؤقتة لمنطقة القبائل''، في الوقت الذي أفادت فيه العديد من المصادر الإعلامية الفرنسية أنه لا يحق للاجئ سياسي أن يمارس بحرية مطلقة نشاطا سياسيا، واكتفى البيان بالقول إن فرنسا ''تحترم السيادة الوطنية الجزائرية وتعترف بما جاء في الدستور الجزائري سنة 2002 حول اعتبار اللغة الأمازيغية لغة وطنية''، وهو ما يفسر أن باريس تسعى لإمساك العصا من النصف والعزف على وترين بهدف تفادي الدخول في متاهات ودهاليز قد تعيد إليها سيناريو ''الحرب الصامتة'' وتشابك للعلاقات الجزائرية الفرنسية مجددا .