أفاد خبراء في الشؤون الأمنية، أن الجماعات الإرهابية النشطة في منطقة الساحل الإفريقي تعمل على توفير الحماية لقوافل الكوكايين والهيروين المتوجهة إلى أوروبا مقابل مبالغ مالية يجبيها عناصر التنظيم الإرهابي من بارونات ومافيا المخدرات لقاء الخدمات التي يقدمونها لهم، حيث ذكرت مصادر إعلامية موريتانية أن تنظيم مايسمى ''القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي'' الناشط بالمنطقة أصبح يعرض حمايته على العصابات التي تهرب المخدرات عبر الصحراء. وأكدت مصادر متطابقة ل''فرانس برس'' في موريتانيا وأوروبا والولايات المتحدة، أن عناصر ''القاعدة'' يضمنون عبور قوافل الكوكايين والهيروين نحو أوروبا مقابل مبالغ مالية كبيرة يجري تحصيلها في شكل ضرائب مقابل توفير الحماية لقوافل التهريب، وقال الخبراء إن الجماعات الإرهابية المتمركزة في المنطقة الواقعة إلى أقصى الجنوب وشمال مالي وشرق موريتانيا تشارك في كل نشاطات التهريب لا سيما السجائر، حيث فتح لهم نشاط شبكات التهريب والجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات لا سيما الكوكايين القادم من أمريكا الجنوبية آفاق أرباح طائلة في ظل غياب موارد الدعم اللوجستيكي الأخرى. وأوضح قاض متخصص في الملف رفض كشف هويته في نواكشوط حسب المصدر ذاته ''إنهم في الواقع منقسمون بشأن موضوع المخدرات''، وأضاف ''هناك من يعتبر أن المخدرات حرام ولا يتعاطونها وهناك من يحمون مهربيها ويحرسون قوافلهم ويتقاضون ضريبة مقابل حمايتهم لها''. وأفادت وكالة الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، أنه يجري في كل سنة تصدير ما بين خمسين إلى ستين طنا من الكوكايين القادم من أمريكا الجنوبية وما بين 30 إلى 35 طنا من الهيروين الأفغاني القادم من شرق إفريقيا إلى أوروبا مرورا بغرب إفريقيا والساحل والصحراء. وأفادت مصادر إعلامية أنه في فيفري الماضي ضبط الجيش الموريتاني في شمال البلاد قافلة مخدرات كان تحرسها جماعات إرهابية، وأكد مصدر عسكري موريتاني ل''فرانس برس'' أن ''ذلك يدل على تواطؤ مع المهربين''. واعتبر دبلوماسي غربي في نواكشوط أن ''هناك نقاط تواصل ونوع من التنسيق'' بين القبائل ومجموعات المتمردين والمهربين والعصابات والإرهابيين الذين ينشطون تقريبا بكل حرية في تلك المناطق، إلا أنه اعتبر أن العناصر الإرهابية المتورطين في تهريب المخدرات يمارسون ذلك ''بشكل فردي''، مؤكدا أن ''بعضهم من عناصر القاعدة وينتمون في الوقت نفسه إلى شبكات إجرامية''، ويقول الجنرال الأمريكي مايكل براون قائد عمليات مكافحة المخدرات سابقا ل''فرانس برس'' أن ''الكرتالات الكولمبية أقامت علاقات أعمال مع القاعدة''، مؤكدا ''أنها تسلك طرق تهريب المخدرات التي يستعلمها هذا التنظيم منذ زمن طويل لعبور شمال إفريقيا في اتجاه أوروبا''. وفضلا عن تمويل الإرهاب يثير النفوذ الذي تمنحه المخدرات ولا سيما الكوكايين في بلدان الساحل الفقيرة قلق الخبراء، واعتبر باحث في باريس متخصص في المنطقة أن ''عمليات التهريب تعود إلى قوافل الملح وإلى زمن غابر''، لكنه أضاف ''بالكوكايين تتغير المقاييس لأن الأموال التي تدرها، طائلة وبإمكانها التسبب في الفساد وعلى غرار ما يجري في بعض دول إفريقيا السوداء، من المؤكد أن بعض الدول في المنطقة بدأ ينخرها الفساد في مستويات عالية جدا''.