بثت قناة ''روسيا اليوم'' الإخبارية سهرة أول أمس الأول تقريرا رسم صورة سوداء عن حي ''القصبة'' في العاصمة الذي يعد أحد أقدم أحيائها والمصنف من قبل منظمة ''اليونسكو'' ضمن لائحة المعالم الأثرية والتراثية العالمية. وجاء في التقرير الذي نقل انشغال سكان الحي العتيق أن ''القصبة'' باتت مهددة بالانهيار بعد سقوط ما يفوق 4000 منزل من مجموع 8000 معلم أثري عرف إليها التصدع طريقا، فباتت مهددة بدورها بالزوال.. ف''للوهلة الأولى يشعر زائر هذا الحي العاصمي أنه يدخل في نفق مليء بالحكايات والأسرار، ولكنه يدرك بعد لحظات أن النفق يقوده إلى تاريخ بلد المليون شهيد.. ففي تلك الأزقة نمت أولى بذور الثورة الجزائرية، وهذا ما يتجسد على الكثير من جدران تلك البيوت التي تحمل اسم هذا الشهيد أو تلك الشهيدة من الذين حفروا تاريخ الجزائر الحديث في ذاكرة الاستعمار''.. هكذا حاول التقرير الروسي رسم صورة تعبيرية عن هذا المعلم الأثري الذي لم تنجح محاولات السلطات المحلية والجهود الدولية في الحفاظ عليه وباءت كلها بالفشل مما أدى إلى تساقط بيوت الحي يوما بعد آخر ليدفن تحت أنقاضها تاريخ وأسماء وأحداث شكلت نقطة تحول في تاريخ الجزائر التي تعد، حسبما وصفها ذات التقرير، إحدى أنصع صفحات حركات التحرر في العالم. من جهة أخرى، كشف التقرير الروسي أن سكان حي ''القصبة'' مستاؤون من الحالة المزرية التي أصبح عليها هذا المعلم الأثري الذي يأويهم، كما أنهم يدركون مدى خطورة تواجدهم بالمكان المهدد بالسقوط في أية لحظة نظرا إلى تصدعات وشقوق أصابت منازلهم التي لا تحتاج إلى الترميم فقط؛ بل إلى ضرورة إعادة النظر فيها بعدما تم تصنيفها كواحدة من أهم المعالم الأثرية في العالم. وفي السياق ذاته، استفاد الحي العتيق في الفترة الأخيرة من مشروع ترميم وإعادة تهيئة بميزانية قدرها 5,4 ملايين دولار، وستغطى هذه الأموال، حسب إدارة الشؤون الثقافية التابعة لولاية الجزائر، تكلفة المشروع الذي سيستمر ثلاثة أعوام لترميم المباني المتضررة بما في ذلك المساجد، وتحويل بعض المنازل إلى مكتبات، كما ينتظر من هذا المشروع أن يحفظ التراث الأثري في المنطقة ويساعد في اجتذاب السياح، ورغم ذلك لايزال سكان الحي يطلقون نداءات الاستغاثة وسط التصدعات التي تصيب بيوتهم بشكل يومي. وأنشئ حي ''القصبة'' ليكون موقعا تجاريا للفينيقيين في القرن السادس قبل الميلاد، ولكنه يعود في صورته الحالية لفترة الحكم العثماني في القرن السادس عشر. وسجل الحي في عام 1991 ليكون ضمن التراث الإنساني، ولكن لم تفرض عليه الحماية بموجب القانون الجزائري إلا في سنة .2003