غدت صورتها كأيقونة للاستهزاء وإثارة سخرية الآخرين على شبكة الانترنت، لقّبها البعض بالفتاة الأكثر قبحاً في العالم، وحوّل البعض وجهها إلى رمز للبشاعة..لكن كل هذه التمثلات السلبية لم تحط من عزيمتها ولم تجعلها تنزوي على نفسها خوفاً من نظرة الآخرين، بل شيّدت من كل هذه الانتقادات، طريقاً فريداً لتحقيق أحلامها وللتأثير على العالم بشكل قد لا يقوم به الكثير من أصحاب وصاحبات الوجوه الجميلة. ليزي فيلاسكيز، مواطنة أمريكية من مواليد سنة 1989، منذ مولدها وهي تعاني من مرض خطير ونادر للغاية اسمه متلازمة بروجي رويد. وزنها لم يتجاوز عند مولدها كيلوغراما واحدا وربع، ومع مرور السنوات، ظهر جلياً أنها مهما تقدمت في العمر ومهما تناولت من أطعمة، فما تزنه سيبقى متوقفاً في حدود 29 كيلوغراما، حتى وهي تتناول يومياً 5 آلاف من السعرات الحرارية، مقارنة مع المتوسط الذي يستهلكه المواطن الأمريكي والمتجسد في أقل من 4 آلاف. سنوات طويلة و"ليزي" تعاني من مرضها الغريب الذي جعل عظامها ضعيفة للغاية وأدى إلى فقدانها البصر بعينها اليمنى، كما أضعف جهازها المناعتي وتسبب لها بحالة صحية مترنحة..بأنفها الحاد وبجلدها الذي تظهر فيه علامات الشيخوخة، بقيت صورة "ليزي" مدعاةً للسخرية حتى ولو كان بعض من ينشروها، يعتقدون أن الأمر يتعلق بتلاعب في الصورة باستخدام برنامج الفوتوشوب، وأنه من المستحيل أن تتواجد إنسانة ما على وجه الأرض بهذه الهيئة. ليزي الآن هي خريجة جامعة..كاتبة..وملهمة الآلاف عبر أنحاء العالم..خرجت من بوثقة العجز إلى عالم الإبداع وحوّلت ضعفها إلى قوة، غيّرت المفاهيم وبيّنت أن لا مستحيل في هذا العالم، الفضل في هذا التغيير كما صّرحت بذلك في كل الحوارات التي أجرتها مع وسائل الإعلام، هو احتقار الآخرين لها وحطهم من كرامتها بشكل غير محدود. نقطة التحوّل بالضبط، كانت مقطع فيديو استقبلته على بريدها الإلكتروني، شخص ما استغل لحظات بسيطة من ضحكها، لينشر فيديو تحت عنوان "المرأة الأكثر قبحاً في العالم"..مقطع من تسع ثوانٍ جرّ بعده فيديوهات أخرى قُدّر مشاهديها بالملايين، غالبيتهم يحتقرون هذا الوجه ويستخدمونه مدعاةً للضحك، وقلة فقط من فكرت في نفسية هذه الفتاة ومدى تقبلها لاستهزاء الآخرين من هيئة جسدية لا تتحمل أدنى مسؤولية في خروجها إلى الوجود بهذا الشكل. بعد أن تتبعت هذا المقدار من الاستهزاء..قررت "ليزي" أن تجعل من حياتها منبعاً للفخر، الحلم الأول كان التخرج من الجامعة، الثاني أن تصدر كتاباً لها، الثالث أن تتحدث بشكل مباشر عن تجربتها مع الحياة كي تُلهم الناس من أجل النجاح..وهو ما حققته، حيث تخرجت من جامعة تكساس في شعبة الاتصالات، وأصدرت كتاباً تحت عنوان "كُن جميلا..كُن أنت" إضافة إلى نشرها لسيرتها الذاتية، كما تمت استضافتها في عدد من البرامج الشبابية كتيد إكس ولقاءات مباشرة على قنوات أمريكية بوصفها امرأة ناجحة. ذات مرة سألوها عن مرضها فأجابت" رزقني الله بأعظم نعمة في حياتي؛ وهي مرضي"..هي إنسانة مؤمنة بالله ومعتبرة أنه لم يختر لها هذه الهيئة عبثاً، تقول إنها لا تتضايق أبداً من الطريقة التي تعيش بها رغم أنها مضطرة إلى تناول طعام ما كل ربع ساعة قصد البقاء على قيد الحياة، كما أنها لا تتضايق حتى من وصْفِها ب"أبشع امرأة في العالم"..تعيش في تكساس حياة عادية ملؤها حب الحياة، كما تطمح إلى تحقيق إنجازات جديدة، ومن أهدافها المستقبلية مساعدة كل من يحس في جسده نوعاً من النقص دون إلقاء البال إلى الساخرين والهازئين. المصدر: هيسبريس