تشير الإحصائيات إلى أن معدل مايقرأه الجزائري لا يتجاوز الربع صفحة سنويا، رغم الدور الكبير الذي تلعبه المطالعة والقراءة الحرة خصوصا في فصل الصيف باعتبارها ''استعادة للقوى العقلية والنفسية والروحية بعد موسم جهيد''، ففي حين يجتهد الفرنسيون في إيجاد زاوية لكتاب في حقائب سفرهم، نسجل غياب هذه الثقافة في مجتمعنا· ورغم هذا، فإن هناك فئة من الجزائريين لاتزال وفية للقراءة الصيفية، فالعطلة بالنسبة لتلك الفئة هي بمثابة فرصة لتوطيد علاقتها بالكتاب وتجديدها· ولمعرفة نوعية الكتب التي تستهوي الجزائري في موسم الاصطياف، قمنا بجولة استطلاعية قادتنا إلى بعض مكتبات العاصمة؛ فكانت أول محطة بالمكتبة الجامعية في ''ساحة أودان'' التي لا تبعد سوى ببضع خطوات عن الجامعة المركزية· كانت المكتبة خالية إلا من عدد قليل من الزوار على غير العادة، وبمجرد سؤال صاحبها عن نوعية الكتب التي يتم الإقبال عليها في الصيف، بادرنا بالإشارة إلى مشكلة المبيعات التي تشهد تراجعا محسوسا، مؤكدا أن الكتب الدينية تشهد إقبالا واسعا خصوصا كتب الشيخ محمد العريفي وعائض القرني، وبنسبة تقاربها الروايات باللغتين الفرنسية والعربية كروايات أحلام مستغانمي وأكثرها ''ذاكرة الجسد'' خاصة بعد الإعلان عن مشروع تجسيدها في شكل مسلسل، إضافة إلى روايات جبران خليل جبران ومولود فرعون و''باولو كويلو'' والمنفلوطي، إلى جانب القواميس الأجنبية التي تلقى إقبالا معتبرا هي الأخرى، وكتب علم النفس و''لياقة المرأة''، في حين لا تحظى كتب التنمية البشرية، حسب محدثنا، بنفس الأهمية لأن الأفكار المقترحة فيها ''لا تتوافق مع واقعنا''· أما فيما يتعلق بكتب التاريخ وعلم الاجتماع فأشار محدثنا إلى أن الإقبال عليها يبقى محتشما·وغير بعيد عن ''المكتبة الجامعية''، لاتزال مكتبة ''الراشدية'' التابعة لمؤسسة النشر والاتصال والإشهار تفتح أبوابها أمام الزوار في فصل الصيف، حيث أوضح لنا ممثلها أن معدل الإقبال على الكتب خلال الموسم الدراسي يكون كبيرا إذا ما قورن بفصل الصيف، مرجعا ذلك إلى كون أغلب الوافدين على المكتبة هم طلبة من خارج العاصمة، حيث تخف الحركة بالعاصمة في الصيف وتصبح شبه مشلولة؛ وهو ما يعكس، حسبه، العزوف النسبي عن اقتناء الكتاب، لكنه في نفس الوقت استبشر خيرا خصوصا أن العطلة الصيفية لهذا العام تتزامن مع شهر رمضان الذي توقع أن يكون الإقبال فيه كبيرا على الكتب الدينية وكتب الطبخ· أما بالنسبة للعناوين التي يكثر عليها الطلب، أكد ممثل ''الراشدية'' أن الكتب الدينية تنال الحظ الأوفر من المبيعات وعلى رأسها المصحف الشريف باللغتين الفرنسية والعربية، إضافة إلى كتب ''ابن القيم الجوزية'' والروايات التي اعتبرها ضمن المبيعات الأكثر طلبا على مدار السنة وليست مقتصرة على فصل الصيف، موضحا أن الإقبال يكون أكثر على الروايات باللغة الفرنسية التي تحتل الريادة في حجم المبيعات بالنسبة لمكتبته بحكم ازدواجية اللغة لدى سكان العاصمة، ومع ذلك تحقق أربعة أسماء أكبر نسبة من المبيعات؛ وهي أحلام مستغانمي وياسمينة خضرة و''باولو كويلو'' و''دان براون''·الكتاب ينافس التلفاز!من ناحية أخرى، بقيت مكتبة ''ابن خلدون'' الواقعة بقلب العاصمة، تصارع محلات ''البيتزا'' والألبسة ومحافظة على مرتاديها، وبمجرد أن سألنا صاحبها عن أكثر الكتب رواجا في الصيف، كان الرد سريعا ''الكتب الدينية بدون منازع؛ فهي تستحوذ على حصة الأسد من نسبة المبيعات، خاصة كتب السيرة النبوية والصحابة، بالإضافة إلى الروايات وكتب الأطفال''· وصادفنا أثناء تواجدنا بالمكتبة ''نبيلة'' وهي أستاذة بالطور الابتدائي، حيث أوضحت لنا أنها مع اقتراب نهاية الموسم الدراسي تقوم بوضع برنامج خاص لقضاء إجازتها الصيفية، أين تكون المطالعة جزءا من هذا البرنامج ''لا يمكنني أن أصف شعوري فالمتعة التي تتملكني وأنا أبحر في صفحات الكتب لا أجدها في مشاهدة التلفاز ولا في غيره''، قبل أن تتدخل زميلتها وبيدها كتاب ل''ديل كارينجي'' بعنوان ''كيف تتعامل مع الناس؟'' لتؤكد لنا أنها من محبي المطالعة بدليل أنها استغلت فترة مابين الدوامين من أجل اقتناء كتاب يتعلق بالتنمية البشرية تقضي به إجازة الصيف باعتبارها إنسانة عملية تسعى دائما لتطوير علاقات تعاملها مع الناس، على حد تعبيرها·