شرعت أمس لجنة وزارية مشكلة من 12 إطارا ساميا، بين مدراء مركزيين وخبراء قضائيين ينتمون لوزارتي الداخلية والحماعات المحلية والعدل، في التحقيق في ملابسات أحداث الشغب التي هزت ضاحية سيدي سالم ببلدية البوني في عنابة منذ ثلاثة أسابيع· وحسب مصادر مطلعة، فإن اللجنة المشتركة باشرت عملها بصفة رسمية في الساعات الأولى من صبيحة أمس بسماع مسؤولين إداريين وأمنيين وقضائيين حول الخلفيات الحقيقية التي تقف وراء انزلاق الأوضاع بهذا الحي الشعبي والتي انتهت بشن حملة توقيفات واسعة النطاق في صفوف المتظاهرين، خاصة بعدما انحرفت الأوضاع لتصل إلى حد حرق وتدنيس الراية الوطنية ورفع علم الدولة الفرنسية· وعلمت ''البلاد'' أن عمل اللجنة سيتوسع ليشمل سماع شهود عيان وأعيان المدينة من لجنة العقلاء الذين تابعوا مجريات الأحداث منذ اندلاعها وكذا المتهمين الفعليين بإشعال هذه ''الانتفاضة'' والذين يقبعون في سجن ''بوزعرورة'' بعدما صدرت في حقهم أحكام متفاوتة بين سنتين وثماني سنوات سجنا نافذا، وهي الأحكام التي يصفونها وعائلاتهم ب ''الثقيلة والقاسية ''وكانت سببا مباشرا في شنهم إضرابا عن الطعام بحر الأسبوع الجاري للمطالبة بإجراء تحقيق مستقل وموازي للتحقيق القضائي الجاري في القضية· وكان النائب العام قد واجه صعوبات كبيرة حينها لإقناع المساجين المضربين بالعدول عن قرارهم، خاصة في ظل تدهور الحالة الصحية لبعضهم والتي استدعت إخضاعهم للعناية الطبية المركزة بالمركز الاستشفائي الجامعي ''ابن رشد'' بمدينة عنابة، ولم يتم وقف الإضراب إلا بعدما التزم ممثل النيابة العامة برفع مطالبهم إلى السلطات المركزية العليا للبلاد· وذكرت مصادرنا أن اللجنة طلبت من المسؤولين المعنيين بالتحقيق نسخا عن تقارير الأحداث وأشرطة الفيديو التي صورت تطورات الحركة الاحتجاجية الأعنف في تاريخ أحداث الشغب في السنوات الأخيرة بولاية عنابة· كما بحثت في تفاصيل عمليات التوقيف التي اعتبرتها عائلات المساجين ب ''المتسرعة والعشوائية''، على خلفية اعتقال جامعيين وإطارات ''لا علاقة لهم بالأحداث وذهبوا ضحية تواجدهم بموقع الاحتجاجات بالصدفة''· وينتظر أن تمتد مهمة اللجنة لعدة أيام حسب مصادرنا للإحاطة بكامل جوانب القضية في بعدها الأمني والقضائي قبل رفع تقريرها لوزارتي الداخلية والعدل· يذكر أن أحداث سيدي سالم فجّرها سكان ''المحتشدات'' (لاصاص سابقا)، لمطالبة السلطات المحلية بإجراء تحقيق على مستوى دائرة البوني لكشف مصير مشروع 3000 وحدة سكنية، التي خصصها رئيس الجمهورية لفائدة هؤلاء السكان، لكن الأمور انزلقت بشكل مفاجئ وعنيف بعد غلق الطريق الوطني رقم 44 عند مدخل الحي واستهداف أعوان مكافحة الشغب بالزجاجات الحارقة، ما دفع قوات الأمن للرد بقوة وتفريق المتظاهرين الذين أقدم بعضهم على حرق الراية الوطنية ورفع العلم الفرنسي، وأسفرت حملة المطاردة عن توقيف عشرات الأشخاص من بينهم ثلاثة قصر، وإصابة 28 شرطيا بجروح متفاوتة·