معظم توجهات الحملة الانتخابية الرئاسية تميل نحو نبش الماضي، أكثر مما هي تميل لاستطلاع الحاضر.. تماما على الطريقة العربية التي تركز على ''كان جدي.. كان أبي.. وليس ها أنا!'' حينما يذكر الوزير الأول أحمد أويحيى إن الغلطة مع الشركة الهندية لن تتكرر. في إشارة منه لمركب الحجار (سابقا) والذين سبق للهنود ''كهدية'' ممن يرقصون حتى الثعابين، فإن ذلك يسجل على كونه أول اعتراف رسمي بفشل سياسة خصخصة، مثلما فشلت سياسة الخصخصة عموما على نحو ما يحدث مع القطاع العمومي والذي تخوصص بدوره! فكل التصريحات بما فيها تصريحات نقابة المركب ونقابة المركزية لصاحبها السعيد (سيدكم وسيدنا) وحتى الوزراء على شاكلة وزير الخوصصة نفسه حميد تمار، تشير إلى كون العملية كانت ناجحة. وكان يفترض أن يتلقى أصحابها الجائزة، إن لم يكونوا تلقوها في شكل عمولات وصدقات جارية! خوصصة الحجار الذي هو أكبر مصنع من نوعه في إفريقيا للحديد والصلب على وزن أكبر سد وأكبر حفرة ماء، وأكبر مركب حتى لتفريخ البيض، مما يوجد في الجزائر، وليس له أثرا في الواقع المعيش لأن الصغار يقومون بتسييره تحت خوصصته في ظروف مشبوهة وغير معلنة إلى اليوم. وهو أمر فتح الباب لإلحاق اي إنجاز مهم بركب الخوصصة مادام أنه ''أبوهم وقد هلك بعد أن كان الأمر بعيد المنال، وقد يكون من المحال. فالحجار مثل الاشتراكية والدستور كان يعتقد ولوقت طويل أنها ضمن ثالوت غير قابل للتراجع صار ما صار! قبل أيام تحدث رجل الأعمال ربراب الذي أنسانا الخليفة المنهار في ملكه، عن استعداده لامتلاك الحجار وهو بحجم مدينة لمن لا يعرفه إذا كان الهنود لم يعودوا يرغبون فيه! وهي أشياء تكون قد بدت للرجل بعد أن شاعت أخبار بأن هؤلاء الهنود لم يعودوا يزكون كما يتوقعون.. وهو أمر ثبت بأنه غير صحيح بالمرة، ليس لأن الهنود سقطت عليهم خبرة باردة مثلما تسقط كسرة خبز على كلب رافد، وإنما لكونهم لم يدفعوا دينارا واحدا في شرائه.. وكل ما فعلوا لإعادة انطلاقته تطبيق مبدأ من ''لحيتو بخرلو'' أي بيع خردة الحديد للخارج المرمية فيه والانطلاق في الانتاج! ومادام أن خصخصة شركات كبرى والتهديد بإعادة تأميم شركات أخرى بدعوى ارتكاب أخطاء أو غلطات أو هفوات عند إبرام العقود ترسو بظلالها على الأقل في الحملة الانتخابية التي تجيز أن يقال فيها حتى أن الشيطان شوهد وهو يهدي الرعيان، فإن المنطق يفرض أن تتم معاقبة كل المتسببين في تلك الأغلاط.. على اعتبار أنها غير عفوية كما تخيل في الأذهان لكي لا يصبح الاعتراف من نوع الذي يخاف؟.