بعد زيارة كيري وأمير قطر، بدأ الحراك العام في البلاد يتجه نحو المزيد من العنف المرتبط بالانتخابات الرئاسية القادمة المزمع إجراؤها يوم 17 أفريل الجاري، فقد أزاحت أحداث بجاية وحرق دار الثقافة التي كانت مهيأة لاستقبال مدير الحملة الانتخابية للمترشح عبد العزيز بوتفليقة، الستار عن جبل من الغضب والتشنج والعنف السياسي الذي لم يتمكن أصحابه من إخفائه، فقد تزامن هذا الجنوح نحو العنف اللفظي والجسدي بين معارضي العهدة الرابعة وخصومهم، وكذا بين أنصار المترشحين علي بن فليس وعبد العزيز بوتفليقة بعد فترة قصيرة من تحرك معسكر الرئيس المترشح باتجاه الرأي العام بظهوره واقفا ومتحدثا إلى ضيفه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، وكذا استقباله لأمير قطر، فضلا عن عدم تجاوب المجتمع الدولي مع تلميحات وخطابات سياسية بغرض دفع القوى الكبرى إلى الضغط على السلطة فيما تعلق بترشح بوتفليقة لعهدة رابعة. وليس هذا فحسب، فقد وجد معارضو العهدة الرابعة وهم ليسوا بالضرورة من حركة "بركات" التي تبرأت يوم أمس من أحداث بجاية، بل من تيارات سياسية تعارض ترشح بوتفليقة مثلما تعارض إجراء الانتخابات الرئاسية وفق المعايير المعتمدة من السلطة والظروف الحالية المحيطة بها. كما تتطابق مطالب الرافضين للعهدة الرابعة وإجراء رئاسيات من دون بوتفليقة مع المقاطعين للاستحقاق الرئاسي الفاقد لأي ضمانات بالنزاهة والشفافية، مدعمين قرارهم برفض الاتحاد الأروبي إرسال بعثة من المراقبين لهذا الاستحقاق.. كل هذا الخليط السياسي غير المتجانس في جوهره وخلفياته وإيديولوجياته، اتفق على قطع الطريق أمام ترشح بوتفليقة، ولاشك أن المتابع يكون قد لاحظ تحويرا في مطالب خصوم بوتفليقة مع تسارع الأحداث، ففي الوقت الذي كان فيه معارضو العهدة الرابعة يركزون في قصفهم على صحة بوتفليقة وعدم قدرته على الكلام والحركة، بل ووصفه بأنه عاجز عن إدراك ما يحدث، تغيرت الشعارات إلى الشق السياسي الخاص بالحريات والتعددية عقب ظهور بوتفليقة مستقبلا لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري ، وقد تسارعت شدة الأحداث إلى أن وصلت حد إشعال النار في دار الثقافة ببجاية وتزايد الاعتداءات ضد مناصري وتجمعات ممثلي بوتفليقة في الداخل والخارج، وهذا ما يفهم على أنه سيناريو يراد أن يؤدي غرضه بتفكيك نتائج الانتخابات الرئاسية لصالح مطالب معارضي ترشح بوتفليقة وممارسة أقصى الضغوطات في الشارع لثني السلطة عن تزوير الرئاسيات، ودفعها نحو إصلاحات سياسية عميقة بعد الرئاسيات إن صبت النتائج نحو عهدة رئاسية رابعة لبوتفليقة، لكن خليطا آخر يريد تفجير العلبة والذهاب مباشرة نحو مرحلة انتقالية وإعداد دستور توافقي، وهو منحدر يشكل خطرا كبيرا، بحسب الكثير من الفعاليات السياسية في البلاد، خصوصا التيار الوطني الذي يتحفظ كثيرا على ما يعتبره تفكيكا ليس لنتائج الانتخابات ولكن للدولة ومسارها ككل.