لم تبق مناسبة دينية ولا وطنية ننتظر فيها ظهور الرئيس بوتفليقة من الآن إلى موعد الانتخابات الرئاسية. وهذا يعني أن الجزائريين الآن لن يصدقوا أيا كان يقول لهم إن الرئيس بصحة جيدة أو أن الرئيس يستطيع الترشح لعهدة رابعة. ومع ذلك ما زال هناك من يريد ترشيح بوتفليقة في أفريل القادم، وهؤلاء بشر مثلنا يدركون مثلما ندرك نحن أن كل مناسبة تمر دون أن يظهر فيها الرئيس ويخاطب الجزائريين أو يهنئهم، دليل إضافي على انسحابه من الحياة السياسية قبل الأوان بسبب وضعيته الصحية، ومع ذلك هم مصرون على ترشيحه لعهدة رابعة. هؤلاء إذن يتحدون الطبيعة ويتحدون الرئيس نفسه ويتجاوزونه ويقولون له ستترشح رغما عنك... وبهذا القدر من السلطة التي يتمتع بها هؤلاء، لا يمكننا أن ننتظر الخير للبلد حتى إذا سلمنا بأن العهدة الرابعة مسألة قابلة لأن تستساغ وأن بوتفليقة ليس الرجل الأول الذي يترأس جمهورية وهو مريض. وبما أن بوتفليقة لا يستطيع أن يرفض ما يطلبه منه هؤلاء، والجزائريون بمن تتوفر فيهم شروط الترشح ومن تتوفر فيهم شروط الانتخاب وبمثقفيهم ومخابراتهم وجنرالاتهم المتقاعدين... لا يستطيعون وقف إرادة هؤلاء الذين نعرف منهم سعيد بوتفليقة وعمار سعداني لحد الساعة وإلى أن يثبت العكس، ولأن مباراة بوركينافاسو رهان كسبه أسهل بكثير من كسب الرهان مع المرض ومع الإرادة الشعبية والمخابرات والجنرالات المتقاعدين... علينا أن ننتظر الجديد من زيارة جون كيري القادمة لبلادنا ومن زيارة رمضان لعمامرة لباريس في نوفمبر القادم. والأكيد أن جون كيري لن يخرج من لقاء بوتفليقة، إن تم، بخطاب يؤكد أو ينفي فيه ترشح الرجل لعهدة رابعة، ورمضان لعمامرة لن يعلن عن مضمون الرسالة التي سيعود بها من باريس. لكن جون كيري لن يرضى بالعودة إلى واشنطن دون لقاء رئيس الدولة التي زارها إلا إذا قدم له سببا مقنعا وثابتا عن استحالة لقاء الرئيس. وإن استقبل بوتفليقة جون كيري في لباسه المنزلي كما استقبل الغنوشي، فلن يرضى ضيفه بالمبررات الدستورية التي لا تمنع بوتفليقة من الترشح... بل سيعود إلى بلاده برسالة قطعية تؤكد أو تنفي العهدة الرابعة. وكذلك الشأن بالنسبة لرمضان لعمامرة الذي لن يذهب إلى باريس ليقدم لهم الملف الطبي لبوتفليقة ويقنعهم بقدرته على الترشح، بل سيذهب لتلقي الضوء الأخضر أو الأحمر.