تشهد الساحة السياسية في الآونة الأخيرة، ميلاد العديد من الأقطاب المعارضة التي تسعى إلى طرح مبادرات سياسية للخروج مما تسميه "أزمة الجزائر"، ويبدو أن الأحزاب السياسية المحسوبة على المعارضة لم تفهم الدرس، فبحلول أي استحقاق أو رهان سياسي إلا وتتشتت المعارضة وتتوحد أحزاب الموالاة. فبعد تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، التي تضم خمسة أحزاب وشخصية سياسية، وقطب "قوى التغيير" الذي أعلن المرشح السابق للرئاسيات علي بن فليس عن تشكيله مؤخرا، يحاول رئيس جبهة التغيير عبد المجيد مناصرة قيادة قطب ثالث من خلال اقتراحه لمبادرة "الحل التوافقي" وبحثه عت إمكانية تجسيد التقارب بين مختلف مكونات المعارضة للوصول إلى حوار وطني موسع يشمل حسبه السلطة والمعارضة، حيث شرع مؤخرا في إجراء سلسلة من الاتصالات "في إطار مستقل" بهدف الوصول إلى "الحد الأدنى من العمل المشترك" الذي يفضي إلى "حوار وطني حقيقي". وفي السياق ذاته، عقدت جبهة التغيير أمس لقاء لمكتبها الوطني لدراسة مستجدات الساحة السياسية والاتصالات التي أجرتها مع الأحزاب والشخصيات السياسية. ويرى مراقبون أن أرضية مطالب المعارضة متقاربة إلى حد بعيد فيما بينها، حيث تتفق أولا على أن الجزائر "تعيش أزمة" تتجسد ملامحها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وتجمع هذه الأحزاب أنه حان الوقت للذهاب إلى مرحلة جديدة خلال هذه العهدة من خلال إعادة النظر في طريقة التسيير والحكومة، غير أن منطق الزعامات لا يزال طاغيا على المبادرات التي تقترحها أحزاب المعارضة، بالنظر إلى تقارب الأفكار وصعوبة الاتفاق وصنع التوافق فيما بينهم. فيما يرى البعض أن مشكلة الإيديولوجيا ما تزال تطغى على الطرح السياسي في الوقت الراهن وتأبى الطبقة السياسية أن تتخلى عنها. فيما برى بعض المراقبين أن الحراك الحالي الذي تشهده الساحة السياسية هو مخاض لإعادة تشكل الخارطة السياسية من جديد على أساس أقطاب معارضة تشمل مجموعة من الأحزاب السياسية تسعى للضغط على السلطة. ويتشكل أبرز هذه الأقطاب من تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي (تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة للانتخابات الرئاسية سابقا)، وقطب "قوى التغيير" بقيادة علي بن فليس ومجموعة تضم أزيد من 13 حزبا سياسيا مساندا له، وهذين القطبين يقابلهما قطب ثالث يسعى مناصرة للخروج به إلى الساحة السياسية من خلال "مبادرة الحل التوافقي"، وهذا في ظل قطب رابع يمثل أحزاب الموالاة المتمثلة في كل من جبهة التحرير الوطني، التجمع الوطني الديمقراطي، تجمع أمل الجزائر، والحركة الشعبية الجزائرية. ويرتقب محللون أن تشهد الأيام المقبلة حراكا سياسيا كبيرا من طرف الأقطاب الأربعة، وسيعمل خاصة قطب بن فليس والمقاطعين على مواجهة قطب السلطة.