انتهت الانتخابات الرئاسية التي كانت تمثل منعرجا حاسما في تاريخ الجزائر، ليفتح بعدها الباب لحراك سياسي آخر، تقوده في الوقت الحالي أحزاب المعارضة المتمثلة في تنسيقية المقاطعة وأزيد من عشرين حزبا سياسيا أعلن مساندته للمرشح الحر علي بن فليسو الذي يريد تأسيس إطار سياسي لتشكيل قطب وطني للمعارضة. ورحبت مجموعة الأحزاب التي ساندت المرشح الحر علي بن فليس في الانتخابات الرئاسية، بالفكرة التي أعلن عنها هذا الأخير، والمتمثلة في إنشاء إطار سياسي جديد للنضال من أجل "انتقال ديمقراطي" من خلال إنشاء قطب وطني للمعارضة حسب ما استقته "البلاد" من مصادرها، وهي تسعى حسب المصدر ذاته لتأسيس هذا القطب المعارض في أقرب وقت ممكن. وفي السياق ذاته، سارعت هذه المجموعة من الأحزاب بما فيها بن فليس إلى الاتصال بتنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة للانتخابات الرئاسية بهدف التنسيق حول كيفية إنشاء هذا القطب الوطني المعارض. ومن جهتها، شكلت تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة، هيئة تنسيق حاليا للتحضير لإعداد ندوة وطنية حول الانتقال الديمقراطي. ومن خلال هذا يتبين أن بن فليس والأحزاب المساندة له تتفق مبدئيا مع تنسيقية الأحزاب والشخصيات الوطنية المقاطعة حول هدف "الانتقال الديمقراطي" من خلال ضرورة عقد "ندوة وطنية" لتحقيق ذلك، غير أن السبق الزمني كان حليف التنسيقية، ما يعني أن بن فليس سيجد نفسه مضطرا للالتحاق بالمجموعة التي بدأت تشتغل ميدانيا وتحضر ل«ندوة الانتقال الديمقراطي"، وإعلانها عن الشروع في الاتصال بالأحزاب والشخصيات المهتمة بهذا المشروع للتشاور معها وإشراكها في التحضير والحضور في الندوة المزمع عقدها مباشرة بعد الانتخابات الرئاسية، أم أن عقلية الزعامات ستطفو من جديد على سطح النقاش بين هذه الأحزاب وأحقية أي طرف في قيادة وتزعم هذا القطب. ويرى مراقبون أن نقاط التوافق بين أحزاب المعرضة أكثر من نقاط الخلاف هذه المرة، حيث تجمع على أن هذه الانتخابات لم تكن فرصة للتغيير كما أنها لم تكن وسيلة "لحل الأزمة"، بل "عمقتها وعقدتها أكثر"، وأن تسيير المرحلة القادمة سيكون صعبا وأن الوضع لا يتقبل حسبهم المزيد من "الفشل والفساد والعجز الحكومي والإخفاق التنموي"، مع اعتبار المرحلة الحالية مرحلة انتقالية بامتياز تتطلب الالتفاف حول مبادرة للتوافق الوطني تجمع دون إقصاء في حوار وطني وحول أجندة تعالج "الأزمة" وتمتن أركان الوحدة الوطنية وتفتح آفاق ديمقراطية للبلد. كما أن هناك إجماع عند الطبقة السياسية المعارضة على أنه يتعين على السلطة التجاوب مع مقترحات المعارضة لتحقيق انتقال هادئ إلى نظام ديمقراطي حر، وهذا عبر دستور توافقي وإصلاح النظام الانتخابي وتوسيع مجالات الحريات والوصول إلى بناء مؤسسات تمثيلية.