غاب الأمن بشكل واضح عن محطات الوقود المنتشرة التي تحولت إلى فوضى بدون عنوان بسبب الازدحام الذي يصنعه الحلابة بالتواطؤ مع بعض العاملين في معظم تلك المحطات الكائنة في عاصمة الولاية وفي شتوان والمنصورة، كما أصبحت المشادات والملاسنات من أبرز ما يمكن أن يصادف السائق على مدار ساعات اليوم، وفي غياب أي ملامح لتأمين مثل هذه الأماكن الحساسة من المهربين أصبح منطق "طاڤ على من طاڤ" هو السائد في المحطات التي تدار فيها عملية تموين المواطنين بالمواد الطاقوية بطرق غامضة. وتضاعفت الأزمة بشكل يوحي بأنها ستهدد العاصمة ووهران وباقي ولايات الوسط، حيث بدأت مظاهرها تبرز في محطات الوقود بمحطات عين تموشنت وسيدي بلعباس مما ينبئ بأنها ستمتد إلى وهران والشلف والعاصمة مع مطلع الشهر القادر الذي يعرف تزايد عمليات التهريب في الحدود الغربية، بينما أصبح من الصعب على أصحاب السيارات من غير المهربين الحصول على ما يحتاجونه من وقود. وتشير المعلومات التي بحوزة "البلاد" إلى أن الأزمة متواصلة، وأن عصابات التهريب التي أقدمت على قطع الطريق نهاية الأسبوع الماضي بقرية مغاغة بلدية السواني أقصى غرب تلمسان ستواصل احتجاجاتها التي اندلعت على إثر توقيف 11 مهربا للوقود في نفس المنطقة من قبل عناصر الدرك الذين ضاعفوا من دورياتهم، كما أن استهداف دورية للجمارك وحرق شاحنة محملة بالمواد البرونزية كان رسالة من المهربين لمصالح الأمن بعد حجز قرابة 100 ألف لتر من الوقود من قبل الدرك والجمارك الأسبوع الماضي في عمليات متفرقة بالشريط الحدودي، وهو ما يبعث القلق من تنامي قدرات المهربين على تنفيذ اعتداءات وترهيب الجمارك في الحدود الغربية، مما دفع بمصالح الدرك الوطني إلى تعزيز دوريات المراقبة والاتصال والتنسيق مع الجمارك الجزائرية. أما في الوسط الحضري لعاصمة الولاية، فإن الفوضى بلغت مستوى خطيرا أصبح يؤثر على حركة مرور الأشخاص والمركبات خاصة في مدخل ومخرج المدينة في المنصورة وشتوان وتلمسان نتيجة التدفق غير المرتقب لعشرات السيارات أمام محطات بيع الوقود الذي عادت أزمته بشكل واضح، ومن المفارقات أن الأزمة طالت مادة سيرغاز التي لا يمكن تهريبها، مما يؤدي بالتالي إلى تكذيب المسؤولين عن نفطال من أن الأزمة يصنعها التهريب لوحده، فالكثير من المصادر تتساءل عن وجهة الصهاريج المحملة بعشرات آلاف اللترات التي تتوجه كل يوم من وإلى الرمشي ونحو مختلف محطات الولاية ليتحصل في النهاية المهرب على كميات خيالية لا يعرف مصدرها، مما يدعو فعلا إلى التحقيق في تدفق المواد الطاقوية بالولاية التي أظهر سكانها انزعاجهم الكامل من غياب السلطات عن التدخل وتأمين تزويد المركبات والسيارات بالمازوت والبنزين، مقابل رفع حالة التأهب في مكافحة التهريب، وإلا فإن أزمة الوقود ستتضاعف خلال الصيف القادم بل وستدق من جديد أبواب العاصمة مثلما حدث العام الماضي.