بعد أيام قليلة من اختتام الندوة الأولى، التي نظمتها تنسيقية الحريات من أجل الانتقال الديمقراطي، وقبل أيام معدودات على اجتماع الأحزاب والشخصيات الوطنية المشاركة، في محاولة منها للخروج بأرضية "توافقية" تكون محل إجماع ترسل للسلطة وتشرح للمواطن، بدأت تظهر العديد من الانتقادات الذاتية. ويطرح المتتبعون لمسار التنسيقية تساؤلا مفاده "أي مستقبل ينتظر التنسيقية؟"، خاصة بعد الملاحظات التي قدمها كل من الحقوقي مقران آيت العربي، ورئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، محسن بلعباس، ومشاركة بعض الأحزاب التي حضرت الندوة في مشاورات تعديل الدستور التي يديرها الوزير ومدير الديوان برئاسة الجمهورية، أحمد أويحيى، حيث قدم الحقوقي آيت العربي مجموعة من الملاحظات التي أدرجها بعض المراقبين في خانة النقد الذاتي البناء، فيما فضل البعض قراءتها على أنها مجموعة من الملاحظات التي تضر بالتنسيقية أكثر مما تنفعها، خاصة أنه قدم ملاحظات في جوهر عمل التنسيقية وهو أهدافها، ودعا القائمين عليها إلى تحديد دقيق لها، مشيرا إلى أنه لا بد من تحديد أهداف ندوة الانتقال الديمقراطي بوضوح وتحديد قواعد اللعبة، كما انتقد محاولة البعض الرجوع إلى "سانت إيجيديو"، معتبرا أن "هذه المحاولات جزء من الأزمة وليس من الحل، والتمسك بها سيؤدي إلى انسداد يصعب تجاوزه"، مع العلم أن بعض الحاضرين وجهت لهم الدعوة باسم الحزب المحظور، بالإضافة إلى أن الندوة كانت بغطاء الأحزاب الإسلامية -حسب آيت العربي- مما يستدعي تدعيم التنسيقية لإحداث توازن حتى تبقى هذه المبادرة في طريقها الصحيح المتمثل في التغيير نحو نظام يحترم الحريات العامة وحقوق الإنسان وكرامته، والعدالة الاجتماعية في إطار دولة القانون. وجاءت انتقادات محسن بلعباس، رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، لتعزز هذا التساؤل، خاصة أنه وجّه كلامه لبعض الشخصيات الحاضرة وإن لم يذكرها بالاسم، وهو الذي أعاب تدخل أحدهم لمدة 25 دقيقة بدل 7 دقائق المحددة، في إشارة واضحة إلى علي بن فليس، الذي ذكره أحمد بن بيتور أثناء الجلسة بضرورة الإسراع وأنه تجاوز المدة المحددة من قبل، كما لاحظ بلعباس أن بعض التيارات الحزبي حاولت الدفع نحو "تحالفات قلبية"، وهو ما يهدد بنسف التنسيقية، وأهم ملاحظة قدمها بلعباس فيما كتبه عبر الصفحة الرسمية للحزب على موقع التفاعل الاجتماعي "فايس بوك"، هو أن الندوة كشفت له مدى أزمة المفهوم السياسي ومستقبل البلاد لدى التنظيمات السياسية و«فشل" هذه الأخيرة في تجديد النخب السياسية. من جهة أخرى، يبدو أن إعلان جبهة القوى الاشتراكية، وجبهة التغيير، وحزب الحرية والعدالة، مشاركتهم في مشاورات تعديل الدستور، تحت قيادة مدير الديوان برئاسة الجمهورية، أخلط أوراق تنسيقية الحريات من أجل الانتقال الديمقراطي، حيث يعتقد البعض أن مشاركتهم في مشاورات تعديل الدستور لا تتعدى أن تكون محاولة وضع رجل في السلطة وأخرى في المعارضة، في الوقت الذي توضح هذه الأحزاب أن مشاركتها مبنية على رغبتها في البحث عن تحقيق الإجماع الوطني أو التوافق بين السلطة والمعارضة.