علمت ''البلاد'' من مصادر قضائية أن قاضي تحقيق الغرفة الثالثة لدى محكمة بئر مراد رايس يجري تحقيقاته مع رئيس مصلحة الصندوق بالقرض الشعبي الجزائري لوكالة الأبيار ورئيسة قسم المكتب الخلفي للوكالة ذاتها، إلى جانب محاسب سابق لتعاونية الجيش الشعبي الوطني بالرستمية وممونهما بالأجهزة الكهرومنزلية على إثر اختلاس ما قيمته مليار و500 مليون سنتيم. تعود وقائع هذه القضية إلى تاريخ 13 ماي ,2009 حيث تقدم مدير الوكالة رقم 105 للقرض الشعبي الجزائري بالأبيار إلى مقر فصيلة الأبحاث للدرك الوطني لأجل رفع شكوى ضدّ كل من المدعو (ن.ع) محاسب سابق بتعاونية تموين الجيش الوطني الشعبي، و(س.س) تاجر، بدعوى إصدار صك دون رصيد والنصب والاحتيال واختلاس أموال عمومية. ومن خلال الشكوى المقدمة من طرف هذه المسؤولة، أكدت أنها استلمت بتاريخ 10 ماي من نفس السنة صكا من رئيسة قسم الشباك الخلفي للصندوق المسماة (إ.س) محرر بتاريخ 6 مارس 2009 يخص المسمى (ن.ع) بقيمة مالية قدرها 15.000.000دج لفائدة المدعو (س.س) مؤشر على خلفيته من قبل مصالح بريد الجزائر على أساس تقديمه بتاريخ 29 أفريل 2009 وهو مرفق بجدول إرسال دون رقم وارد من مصلحة المقاصة. وأكدت الشاكية أن المدعو (ن.ع) هو زبون لدى وكالة القرض منذ سنة ,1988 إلا أن حسابه مجمد منذ سنوات وأنه مدين للقرض بسبب خصم عمولات تسيير الحساب، مضيفة أنه كان من المفروض في مثل هذه الحالات إعادة الصك البنكي لصالح الصكوك البريدية لكونه دون رصيد ويرفض تسديده، إلا أنه بقي على مستوى الوكالة إلى غاية إعلامها به من قبل رئيسة قسم الشباك الخلفي للصندوق، وأن هذا الصك الذي لم يعالج في وقته ولم يرجع إلى المستفيد على أساس أنه دون رصيد ولعدم إرجاعه في الفترة القانونية المحددة ب 24 ساعة اعتبرت مصالح الصكوك البريدية أن هذا الصك قابل للتسديد وقد تمّ دفع المبلغ في حساب المدعو (س.س) الذي قام بسحب المبلغ من حسابه المفتوح أمام المصالح ذاتها على مرحلتين: الأولى بتاريخ 7 ماي 2009 حيث سحب ما 000,000,9دج، وبعدها بيومين قام بسحب القيمة المتبقية، الأمر الذي دفع بالمحققين وعن طريق تكليف شخصي موجه إلى وكالة القرض الشعبي بالأبيار، لطلب استرجاع أصل الصك البنكي. تغيير مستمر لمحل الإقامة لتضليل السلطات واستغلالا لما ورد عن مديرة وكالة القرض الشعبي الجزائري بالأبيار، تم توجيه تقرير إخباري إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس لتحال القضية على قاضي تحقيق الغرفة الثالثة. وبالتحقيق، حسب مصادرنا، وتفحص كشف العمليات الخاصة بالحساب الجاري للمدعو (س.س) تبيّن أن له عنوانا ثانيا بصندوق بريد بهراوة في بلدية الرويبة، إلا أنه وبتقفي أثر المشكوك فيه اتّضح أنه قد غادر المنطقة منذ مدّة وأنه يتعمّد تغيير محل إقامته للتمويه وعدم ترك أي أثر لتحركاته. موازاة مع ذلك، تمّ استدعاء المسمى (ن.ع) الذي أكد تسليمه الصك محل متابعة للمدعو (س.س) حين كان يعمل كمحاسب بتعاونية تموين الجيش الوطني الشعبي الكائنة بالرستمية، حيث تعرف عليه سنة 1999 بصفته آنذاك ممونا للتعاونية ذاتها بالأدوات الكهرومنزلية، وطلب منه بيعه جهاز تلفاز ثمنه آنذاك 25 ألف دج ليسلّمه مقابل ذلك الصك البنكي محل متابعة موقعا على بياض، مضيفا أنه عمل بهذه التعاونية خلال الفترة 1988 2002 قبل أن يلتحق بتعاونية أخرى بنواحي الشرافة، حيث إنه وبعد تسليمه الصك للسالف الذكر وانقضاء مدة حوالي 3 أشهر تمّ تحويله إلى تعاونية أخرى بالشرافة، في حين لم يقتطع المشكوك فيه مبلغ التلفاز من رصيده خلال تلك الفترة، مبررا في الوقت ذاته أنه لم يكلف نفسهُ هو الآخر تسديد مستحقات المعني إلى غاية يومنا هذا متحججا بظروفه الاجتماعية مع أنه كان يتقاضى في ذلك الوقت ما قيمته 150 ألف دج، وهو ما يتناقض وأقوال المسمى (س.س) بشأن كيفية حصوله على الصك البنكي محل التحقيق باسم المدعو (ن.ع). من خلال التحقيق في قضية الحال يتبيّن أن الأمر يتعلق بجماعة أشرار هدفها سرقة واختلاس الأموال العمومية بطرق احتيالية الغرض منها تضليل المحققين، وهذا باتفاق مسبق بين جميع أطراف العصابة المتكونة أساسا من أشخاص يعرفون بعضهم بعضا بينهم حقّ المعرفة، وسبق أن كانت تربطهم علاقات مهنية وشخصية ويتعلق الأمر ب(س.س) و(ن.ع) وموظفين بمصلحة الصندوق لبنك القرض الشعبي الجزائري بوكالة الأبيار الذين ساهموا بتهاونهم في تأدية مهامهم في سرقة المبلغ المالي المقدّر ب15.000.000دج. ويتعلق الأمر برئيس مصلحة الصندوق للوكالة ذاتها المسمى (ع.ر)، ورئيسة قسم المكتب الخلفي المسماة (ع.س). كما أثبت التحقيق أن المشتبه فيه الرئيسي المدعو (س.س) هو العقل المدبر لهذه العصابة، الذي ادعى أنه تحصل على الصك محل تحقيق من شخص يدعى (ك) بعد اتفاق هاتفي مسبق وبتوجيه من صديقه المسمى (د.س) المقيم حاليا، حسبه، بعاصمة الإمارات المتّحدة، دبي، الذي يدين له بمبلغ 5.000.000.00دج، زاعما عدم معرفته للمدعو (ك) وعدم اطلاعه وجهله هوية صاحب الصك المسمى (ن.ع)، ليتبين من خلال التحقيق أنه يعرفه جدّ المعرفة وسبق له أن تعامل معه بتعاونية تموين الجيش بالرستمية بصفته ممون التعاونية بالأجهزة الكهرومنزلية خلال الفترة الممتدة بين 1988 و.2002 وما يؤكد تورطه في القضية، حسب المحققين، هو علمه بالظروف الاجتماعية للمسمى (ن.ع) بصفته موظفا بسيطا أحيل على التقاعد خلال سنة ,2002 ومع ذلك قام بسحب وصرف مبلغ الصك محل التحقيق. أما بخصوص المسمى (ن.ع) وعن التحقيق معه بخصوص الصك الخاص به، فقد تبين أنه سلمه للمدعو (س.س) بغرض اقتطاع ثمن التلفاز الذي اشتراه منه لفائدته الخاصة، وأنه بعد تسليم الصك للمعني ومرور حوالي 3 أشهر تمّ تحويله إلى تعاونية أخرى بالشراقة، في حين لم يتم اقتطاع مبلغ التلفاز من رصيده ولم يقم هو بتسديد المستحقات بالنظر لظروفه الاجتماعية وهو ما يتناقض وتصريحات المدعو (س.س) بشأن كيفية حصوله على الصك البنكي محل تحقيق. إهمال واضح يكلف الخزينة ثغرة مالية مواصلة للتحقيق تم استدعاء رئيس مصلحة الصندوق بوكالة الأبيار للقرض الشعبي الجزائري المدعو (ل.ر) الذي تبين من خلال تصريحه أنه يشغل منصبه منذ سنة ,2005 إذ يقوم بعملية التنسيق بين جميع العمليات التي تخص الصندوق سواء كان التخليص نقدا أو عن طريق حجز الصك، مشيرا إلى أن مصلحة المقاصة التابعة لمديرية القرض الشعبي الجزائري عن طريق موزع البريد يتم معالجته في حينه بعد أن يتم تسجيله على مستوى أمانة الوكالة وتوزيعه على المصلحة الخاصة به. كما أفاد من خلال استفساره عن الإجراءات العملية التي ميزت الصك البنكي للقرض الشعبي الجزائري الحامل رقم 5898643 باسم المدعو (ن.ع) المؤرخ في 6 ماس 2009 والمدون عليه مبلغ مالي قدرهُ 15.000.000.00دج لفائدة المدعو (س.س)، نافيا علمه عن طريق مديرة الوكالة رفقة الموظفة المسماة (ع.س) التي اكتشفت الصك بصفتها عاملة بالمكتب الخلفي للصندوق كرئيس قسم. وأرجع ذات المعني عدم اكتشافه الصك محل تحقيق في يومه المحدد 29 أفريل 2009 إلى عدم معرفة الموظف الذي استلم الصك محل تحقيق مع عدم وجود أية وثائق تثبت استلام البريد الوارد من غرفة المقاصة إلى الوكالة، وذلك بالرغم من أنّه رئيس مصلحة الصندوق بوكالة الأبيار للقرض الشعبي الجزائري وله حق المراقبة بصفته مسؤولا عن أعمال المصلحة، ومع ذلك فإنّه ومن خلال مجرى التحقيق لم يقدم ردا مقنعا بشأن الطريقة التي يتم التعامل بها في تسجيل كل البريد الوارد للوكالة وهو ما يبين الإهمال الواضح على مستوى المصلحة السالفة الذكر، مما أدى لسرقة المبلغ المالي محل تحقيق. كما صرح رئيس مصلحة الصندوق بوكالة الأبيار للقرض الشعبي الجزائري، حسب مصادرنا، أن الصك محل التحقيق ومن الناحية القانونية وطبقا للائحة التنظيمية الصادرة عن بنك الجزائر لا يقبل على الإطلاق على مستوى مصلحة المقاصة لأن الصك محرر بتاريخ 6 مارس 2009 والتأشير عليه من طرف مصلحة المقاصة بتاريخ 29 أفريل 2009 على أنه يتنافى مع تعليمة بنك الجزائر التي تنهي صلاحية الصك طبقا للنظام الجديد الإلكتروني بيوم 31 مارس .2009 مراقبة شهرية تكشف بالصدفة صرف الشيك من جانبها، صرحت المسماة (ع.س) بصفتها رئيسة فرع المكتب المؤخر لدى وكالة الأبيار للقرض الشعبي الجزائري، أنه اكتشفت الصك يوم 10 ماي 2009 عن طريق الصدفة عند قيامها بعملية الإحصاء الشهري لصكوك الدفع التي لا تزال ترد إلى الوكالة بالطريقة القديمة، مضيفة أنها تشغل منصبها منذ سنة ,2007 مؤكدة أن دورها كرئيسة فرع يخول لها استقبال الصكوك البنكية من أصحابها وكذا أوامر الدفع الخاصة بالزبائن، وبعد مراقبة الوثائق والتأكد من صحتها تقوم هي بحجزها، كما تقوم باستلام البريد الوارد من مصلحة المقاصة التابعة لمديرية المالية ليتم استلامه من طرف رئيس المصلحة المسمى (ل.ر) أو الموظفة بذات المصلحة المسماة (م.د) البريد المستلم من موزع بريد مصلحة المقاصة، تكون إما صكوكا بنكية تخص القرض الشعبي الجزائري وبالخصوص زبائن وكالة الأبيار أو حوالات الدفع الخاصة بزبائنها، ليتم بعد استلام البريد فتح من قبل أحد الموظفين ومنه تجري عملية معالجته في حينه إذا تعلق الأمر بالصكوك البنكية وذلك بمراقبة الصك من حيث المعطيات الموجودة به ونظيرتها المدونة بالحاسوب، وبعد التأكد من صحته يتم حجزهُ وهي الطريقة المعمول بها حسبها منذ سنة 2006 وذلك دون تسجيل البريد بذات الوكالة وهو ما يعكس تصريحات رئيس مصلحة الصندوق بالوكالة الذي أكد تسجيل البريد. ولم تنكر المسؤولة المتهمة ذاتها غياب إجراء وثيقة يتم تحريرها بين الوكالة ومصلحة المقاصة التابعة لمديرية المالية للقرض الشعبي. وفي السياق ذاته، تضيف مصادرنا فقد تم سماع المسماة (خ.د) بصفتها موظفة بمصلحة الصندوق بالمكتب الخلفي وهي تشغل منصبها منذ سنة ,1996 حيث أكدت عدم تسجيل البريد الوارد للوكالة من مصلحة المقاصة لمديرية المالية التابعة للقرض، قبل أن يتحتم عليهم تسجيل كل المراسلات والبريد الوارد بعد واقعة الصك محل تحقيق. أما بشأن العملية التي تمت بخصوص الصك محل التحقيق، فقد أكدت اكتشافه عن طريق الصدفة من قبل المسماة (ع.س) أثناء مراقبتها للقوائم الشهرية للمقاصة اليدوية، زاعمة، حسب ما خلص إليه التحقيق، أن موزع بريدها يقوم بجلب أظرفة متكونة من وثائق مختلفة، منها صكوك المقاصة وسندات وغيرها فيقوم بوضعها في مكتب الصندوق بمجرد وصوله إلى الوكالة في وقته المعتاد حوالي منتصف النهار على أن يعود لأخذ البريد الصادر المستعجل وكذا صكوك المقاصة المرفوضة من طرف المصلحة بعد معالجتها. وعليه مكنت التحريات المكثفة التي شملت وكالة الأبيار للقرض الشعبي الجزائري من التأكد أن المدعو (س.س) بصفته ممون تعاونية الجيش الشعبي الوطني بالرستمية بالأجهزة الكهرومنزلية كانت له في وقت سابق علاقة عمل مع المدعو (ع.ن) وهو موظف بقسم المحفظة بالقرض الشعبي الجزائري بوكالة الأبيار، والذي أكد من خلال التحقيق معه علاقته مع المدعو (ن.ع) الذي كان يعمل محاسبا بالتعاونية العسكرية بالرستمية والذي تقدم للوكالة لإجراء بعض العمليات الببنكية باسم التعاونية الذي كان ممونها المدعو (س.س) نافيا أن تكون له علاقة خاصة به، وأن لا علاقة له بالصك محل تحقيق باعتباره لا يعمل بمصلحة الصندوق. وامتدادا للتحريات والكشف عن هوية المسمى (د.س) الذي ادعى المتهم (س.س) أنه هو من أرسل له الصك محل تحقيق، إذ تبين أن الأمر يتعلق بتاجر ينحدر من دائرة بوعنداس بسطيف، وهو يحوز على جوازي سفر، وهو متواجد حاليا بالإمارات العربية المتحدة. وعليه خلصت التحقيقات إلى أن قضية الحال تعني تكوين جمعية أشرار هدفها سرقة واختلاس الأموال العمومية بطرق احتيالية وذلك باتفاق مسبق بين أشخاص يتعارفون فيما بينهم تربطهم علاقة مهنية وأخرى شخصية، إذ يتعلق الأمر أساسا بالمدعو (س.س) و(ن.ع) وكذا موظفين بمصلحة الصندوق للقرض الشعبي الجزائري لوكالة الأبيار وبالأخص رئيس مصلحة الصندوق ورئيسة قسم المكتب الخلفي، اللذين ساهما بتهاونهما في تأدية مهامهما إلى سرقة ما قيمته مليار و500 مليون سنتيم. وأثبت التحقيق أن المتهم الرئيسي المدعو (س.س) هو العقل المدبر لهذه العصابة، ادعى أنه تحصل على الصك محل تحقيق من المدعو ''كريمو'' بعد اتفاق هاتفي مسبق وبتوجيه من صديقه المدعو (د.س) المتواجد بدبي الذي يدين له بمبلغ 500 مليون سنتيم، زاعما عدم معرفته للمدعو ''كريمو'' وكذا المدعو (ن.ع) الذي سبق وأن عمل معه بتعاونية الجيش بالرستمية بصفته ممونها بالأجهزة الكهرومنزلية خلال الفترة الممتدة ما بين 1999 و,2002 وأنهما يحوزان على حسابات بنكية شخصية بالوكالة ذاتها، وهما على علاقة وطيدة نتيجة التعاملات التجارية والمهنية التي ربطتهما، مما مكنهما من نسج علاقات مع بعض موظفي الوكالة، وهو ما يؤكد وجود علاقة بين جميع الأطراف مكن من صرف الصك بعد انقضاء الآجال القانونية ب48 ساعة. وعليه وجهت للمتهمين المتواجدين رهن الحبس الاحتياطي تهم تكوين جماعة أشرار، السرقة الموصوفة، اختلاس أموال عمومية، الإهمال المؤدي للسرقة، خيانة الأمانة والنصب والاحتيال.