أولياء المهاجرين السريين يتساءلون عن خلفيات استبعاد القضية من لقاءات سلال بجمعة يعتزم أولياء "الحراڤة" المفقودين في عنابة، رفع دعاوى قضائية بالتنسيق مع شبكة المحامين للدفاع عن حقوق الإنسان، بعد انقضاء شهر رمضان المبارك، وذلك أمام المحاكم المحلية والتونسية وبعض الدول الأوروبية، للمطالبة بفتح تحقيقات في ظروف اختفاء عدد كبير من شباب جزائريين أقدموا على الهجرة السرية عن طريق قوارب الموت منذ العام 2007. وأكد الأولياء أنهم ماضون في تتبع مصير أبنائهم ومعرفة ما الذي حدث معهم، خاصة الذين وردت معلومات بشأن زجهم في السجون دون محاكمة، في ظل تغاضي الدولة وهيئاتها القانونية والحقوقية عن التعاطي مع هذا الملف، مع العلم أنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد المهاجرين السريين الذين قضوا في رحلات قادتهم نحو المجهول انطلاقا من شواطئ بشرق وغرب البلاد، وإلى حد الآن لم تجر دراسات ميدانية علمية مع أهالي "الحراڤة" المفقودين لمعرفة عددهم بالتدقيق. وكانت شبكة المحامين للدفاع عن حقوق الإنسان، قد أعلنت أنها تسعى إلى معرفة مصير 62 حراڤا مفقودا أغلبهم من عنابة، تقدمت عائلاتهم ببلاغات رسمية عن اختفائهم، وزودت المحامين بكافة المعلومات المتعلقة بتاريخ مغادرتهم الشواطئ الجزائرية انطلاقا من ولاية عنابة، حيث غادرت هذه المجموعة على متن 6 قوارب، في الفترة الممتدة ما بين فيفري 2007، وأكتوبر 2008، ويؤكد الأولياء أن أخبار أبنائهم انقطعت في عرض البحر، أو بعد بلوغهم الأراضي التونسية والإيطالية. وفي خطوة عملية بدأت الشبكة إجراءاتها القانونية من تونس، حيث التقى أعضاؤها مع المحامية والحقوقية التونسية "راضية نصراوي" في ديسمبر الماضي، وتم الاتفاق على عقد لقاءات من شأنها تحديد الخطوات الدقيقة لإيداع طلبات فتح تحقيق في كل من تونس وإيطاليا وفرنسا بالتعاون مع محامين إيطاليين وفرنسيين، لاسيما أن هذين البلدين الأوروبيين يوفران بيئة قانونية تسمح بالتحقيق في قضايا الاختفاء القسري للأشخاص، وذلك موازاة مع إخطار الهيئات الدولية التي تسهر على ترقية وحماية حقوق الإنسان وعلى رأسها منظمة الأممالمتحدة، واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان. وتؤكد الشبكة على ضرورة الضغط على الحكومة التونسية للتدخل قصد معرفة مصير 39 شابا على الأقل، اختفوا بتاريخ 8 أكتوبر 2008، بعدما دخلوا المياه الإقليمية التونسية، وكان آخر ما ربطهم بأوليائهم في الجزائر، اتصال هاتفي لحظة إلقاء القبض عليهم من خفر السواحل التونسيين، كما أسفرت جهود بعض الأولياء الذين تنقلوا مرارا إلى تونس عن جمع معلومات حول المجموعة التي غادرت من شاطئ سيدي سالم وعلى متنها شباب ينحدرون من عنابة والعاصمة، وشابين أحدهما مغربي والآخر تونسي، وتوصل محام من ولاية جندوبة إلى معلومات عنهم في عدة سجون تونسية، لكنه توقف عن البحث بعد أن تعرض للتهديد حسب الأولياء. وأفضت مساع أخرى قام بها محام في العاصمة التونسية إلى معرفة أماكن تواجد بعض الشباب الذين قال إنهم "يقبعون في سجون وزارة الداخلية"، كما قالت معلومات أخرى "إنه كان على متن القاربين ثلاثة تونسيين وليس واحدا فقط، والدليل أن الأمن التونسي استدعى أولياءهم بوثيقة تحمل رقم القضية". وبالعودة إلى تعاطي السلطات الوطنية مع هذا الملف، يتساءل الأولياء عن السبب الكامن وراء عدم إدراج ملف المهاجرين السريين الموقوفين في تونس ضمن جدول أعمال الزيارة التي أداها الرئيس التونسي منصف المرزوقي إلى الجزائر مطلع هذا العام أو خلال اللقاءات الثلاثة التي عقدها الوزير الأول عبد المالك سلال مع رئيس حكومة تونس مهدي جمعة.