مرة أخرى، تعصف حرب التصريحات بتماسك المعارضة في الجزائر ضد خيارات السلطة التي تفرضها فرضا على أحزاب مقسمة ومشتتة، فقد اعتذرت تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي عن المشاركة في مبادرة "الإجماع الوطني" التي يطرحها الأفافاس، وحذرت منها، في حين يرفع هذا الأخير شعار "من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجر". وأكد عضو هيئة التنسيق المتابعة، والقيادي بجبهة العدالة والتنمية، عمار خبابة، أنه "لا الهيئة ولا التنسيقية مستعدة للانخراط في مسعى حزب الدا الحسين"، هذا الطرح الذي جاء منسجما والبيان الأخير الصادر عن التنسيقية، عقب اجتماع طارئ تم التطرّق إلى آخر المستجدّات التي شاهدتها الساحة السياسية، وأهمها مبادرة جبهة القوى الاشتراكية، والتي ترى فيها التنسيقية أنه "عمل مقصود لتكسير الديناميكية" التي توصلت إليها المعارضة، ولم تكتف بذلك بل وجهت اتهامها ل"الأفافاس" واصفة المشاورات التي أطلقها ب"غير مجدية". وأمام هذا الوضع دعت الطبقة السياسية إلى "الحذر من هذه المناورات" وتدعوها الى المحافظة على رصيدها النضالي الذي حققته من خلال ندوة مزفران والتنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي وقطب التغيير والخبراء والشخصيات الوطنية التي تجمعت على أرضية مشتركة للحريات والانتقال الديمقراطي ضمن هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة، كما دعت أيضا الطبقة السياسية إلى مواصلة الضغط على النظام السياسي بالطرق السلمية كوسيلة وحيدة لتوفير الحريات والانتقال الديمقراطي المبني على الحوار الجاد والتوافق الحقيقي. وأمام جملة السهام الموجهة من تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، ضد مبادرة جبهة القوى الاشتراكية، فضل هذا الأخير الصمت وعدم الرد على هذه التهم رغم خطورتها، حيث قال النائب شافع بوعيش، في دردشة معه عبر موقع التواصل الاجتماعي "الأفافاس لا يريد الدخول في النقاشات العقيمة التي تعمل أكثر على الدفع بالجزائريين إلى الابتعاد أكثر عن الحياة السياسية"، في اتهام لهذه الأحزاب بالعمل على التيئيس من الحياة السياسية، غير أن النائب بالمجلس الشعبي الوطني عن الأفافاس، شافع بوعيش، رد على بعض التهم الموجهة للحزب رافعا شعار "من كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجر"، حيث اتهم من وصفهم ب "المعارضين الجدد" بتغليط الرأي العام بخصوص تاريخهم السياسي، مشيرا إلى أن أحمد بن بيتور كان وزيرا للطاقة سنوات 19931994، ووزيرا للمالية 19941996، كما أن جيلالي سفيان هو الآخر كان عضوا في المجلس الوطني الانتقالي سنوات 19941997. وقال النائب "هذا في الوقت الذي كان الأفافاس يطالب بانتقال حقيقي وديمقراطي.. زعيم جيل جديد كان عضوا في المجلس الانتقالي ويقيم في نادي الصنوبر". ويرى مراقبون أن قذف الأفافاس بالمناولة للسلطة وهو الذي ربض نصف قرن متعففا عن شهواتها لا يمكن تصديقه بسهولة، مشيرين إلى أنه لا يمكن رمي مدرسة الدا حسين اليوم جزافا ببيع شرفها والأخطر أن ينقلب السحر على الساحر بمنطق التشكيك فيغدو بعض "أدعياء" المعارضة في قفص الاتهام وهم من غادروا فراش السلطة الوثير حديثا.