يؤكد وزير الدولة سابقا، ورئيس حركة مجتمع السلم الأسبق، أبو جرة سلطاني، في تعليقه على نتائج الانتخابات التشريعية التونسية، وما لحق حركة النهضة الإسلاميية من تراجع، أنّ أسبابا عديدة تقف وراء هذه النتيجة غير المتوقعة. وفي تفسيره لنتائج انتخاب أول برلمان تونسي بعد سقوط الرئيس زين العابدين بن علي، أكد أبو جرة في تصريح ل "البلاد.نت" أنّ 3 عوامل رئيسية وراء تراجع حركة النهضة واستحواذ نداء تونس على الأغلبية في الانتخابات. ويذكر سلطاني أنّ أول سبب هو عزوف شباب الثورة عن الانتخاب، حيث لم تشهد انتخابات الأحد الماضي حضورا قويا لهذه الفئة، خاصة الذكور منهم، وكان ذلك امرا لافتا وملاحظا لدى الجميع. أما العنصر الثاني الذي يأتي من ضمن الأسباب، يقول سلطاني أنّ أكثر المصوتين هم من فئة العجزة والشيوخ وكبار السن، وأغلبية هؤلاء يحنون لزمن الرئيس بورقيبة، باعتبار أن الباجي قائد السبسي حامل للفكر البورقيبي، و تولى عدة مسؤوليات مهمة في الدولة التونسية بين 1963 و1991. وعمل مستشاراً للزعيم الحبيب بورقيبة ثم تولى منصب وزير الداخلية ثم الدفاع. أما العنصر الثالث، فهو التصويت المكثف، للمحسوبين على النظام السابق، أي نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذين صوتوا بقوة على قوائم نداء تونس، باعتبار الحزب الأقرب إليهم، وبتواجد في صفوفه العديد من رموز النظام السابق. كما أشار أبو جرة إلى أنّ التونسيين ملوا من المرحلة الانتقالية التي طالت كثيرا والتي كانت تحت تسيير "الترويكا" الحاكمة والمتشكلة من كل من حركة النهضة و حزب المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات. غير أنّ الشيخ أبوجرة سلطاني، الذي يملك علاقات قوية مع جماعة الاخوان المسلمين، ومنها حركة النهضة التونسية، أكد أنّ الأخيرة بمثابة صمام الأمان في تونس وأي اقصاء لها أو تهميش سيدير على تونس أخطارا كبيرة. ويؤكد أبو جرة أنّه وبالرغم من كون الفارق بين نداء تونس وحركة النهضة كبيرا، ويحسب له حساب إلاّ أنّ حزب الغنوشي له أوراق تفاوض قوية. ويضيف أبو جرة أنّ الضغط كله في المرحلة المقبلة سيتجه صوب نداء تونس، باعتباره الحزب الحاكم، وان الشعب التونسي سيحمّل الباجي قائد السبسي وحزبه مسؤولية الانتقال الديمقراطي الذي يجب تجسيده على أرض الواقع، بعد نهاية المرحلة الانتقالية ولا مجال للأعذار والتبرير. ولدى تعليقه على الانتخابات الرئاسية المقبلة، أشار أيو جرة إلى أنّ الباجي قائد السبسي قد ينسحب من السباق الرئاسي، باعتبار أنّه من الخطر أن يستجوذ حزب سياسي واحد على الرئاسة والحكومة في آن واحد. وبهذا الخصوص، اكد أبو جرة أن حظوظ المنصف المرزوقي، الرئيس التونسي الحالي، ضئيلة جدا، ولا يتوقع عودته مرة أخرى لقصر قرطاج الرئاسي، باعتبار أنه أثبت على مدار الفترة الماضية التي حكم فيها تونس كرئيس للبلاد أنه أكاديمي ومفكر أكثر منه رجل دولة و زعيم سياسي. وأضاف في ذات السياق أن المحيط الإقليمي والدولي، بدوره أيضا يريد وجها جديدا على رأس الدولة التونسية، وجها يكون أكثر كاريزمية و حضورا. مشيرا إلى أن تونس في حاجة اليوم إلى رئيس شاب يمثل ثورة الياسمين.