مدخرات الجزائر في البنوك الأجنبية مرشحة للانتعاش واصلت قيمة العملة الوطنية "الدينار" في الانخفاض أمام الدولار الأمريكي في الوقت الذي لم تتعاف فيه بعد من الهبوط الذي سجلته أمام اليورو منذ شهرين وبلغ أمس سعر الدولار في أسواق الصرف الرسمية 84.55 دينارا وهو أعلى معدل سجل على أساس سنوي منذ 52 أسبوعا ويدق الخبراء ناقوس الخطر إزاء استمرار ارتفاع الدولار أمام العملة الوطنية، خصوصا فيما يتعلق بأسعار البترول الآخذة في السقوط يوما بعد يوم. ويرى الخبير في الطاقة محمد بدة أن ارتفاع الدولار سيخفض أسعار النفط لأسباب عديدة منها أنه سيقلص من تكاليف الإنتاج في الدول المتقدمة، مما يمكن الشركات من التنقيب عن النفط في أماكن منافسة لدول "أوبك"، خاصة في بريطانيا والنرويج وروسيا والبرازيل. في الوقت نفسه سيصبح النفط غاليا في أوروبا وآسيا، وسينخفض الطلب عليه فكلما ارتفع الدولار الذي يسعر به النفط، انخفضت عملات هذه الدول، الأمر الذي يرفع سعر النفط داخل هذه الدول. وأضاف الخبير في تصريح "للبلاد" "علينا أن نعلم جيدا أن ارتفاع أسعار الوقود في أوروبا وآسيا يختلف عن ارتفاعه في أمريكا، ليس بسبب اختلاف الحجم والدخل فقط، ولكن أيضاً بسبب اختلاف السلوك: فكما قام العمال والسائقون بإغلاق طرق لندن وباريس وبروكسل في عام 2000، فإنهم سيقومون بذلك مرة أخرى عندما يحسون بضغط ارتفاع الأسعار" وبالتالي تعزيز سلوك التوجه نحو وسائل النقل الجماعية سيعود بالسلب على طلب الوقود. في المقابل، ينظر الخبير المالي والأمين العام الأسبق لمفوضية البنوك عبد الرحمن خالفة في تصريح ل«البلاد" بنظرة أوسع حيال تقلب أسعار الدولار مؤخرا، مؤكدا أن ارتفاعه له آثار سلبية وإيجابية في نفس الوقت وقد تتسبب موجة ارتفاع الدولار أمام العملة الوطنية في ظاهرة "التضخم المستورد" الذي يعني ارتفاع أسعار جميع المواد المستوردة حين تفوتر بأسعار العملات المحدثة، وهو ما يعود بالسلب على القدرة الشرائية للمواطنين، في حين تستفيد الجزائر من ارتفاع قيمة مدخراتها في البنوك الأجنبية، على اعتبار أن الجزء الأكبر من مدخرات الجزائر من العملة الصعبة يحتسب بالدولار، ومن جهة قد تنتعش بعد المنتجات المحلية من الكماليات بسبب ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة ولعل صناعة المواد الغذائية المحلية المستفيد الأكبر حسب بوخالفة. واعتبر الخبير أن الخطوة المتخذة من قبل بنك الجزائر في عدم الانسياق وراء تقلبات سوق الصرف العالمية واتخاذ قيمة ثابتة للأورو مقابل الدينار هي خطوة حكيمة حسبه تهدف إلى الحفاظ على مستوى أسعار المنتجات المستوردة قبل أن يخلص إلى أن ارتفاع الدولار جميع الأسواق العالمية ويشكل اهتماما عالميا مشتركا.