كشف مستشار بوزارة الداخلية الفرنسية ل''البلاد''، أن قرار تجميد المساهمة المالية الجزائرية المخصصة لتمويل بناء مسجد ''مرسيليا الكبير''، ناجم عن اعتبارات داخلية وخارجية، مؤكدا أن ''الموقف الجزائري جاء نتيجة للصراعات القائمة بين التيار اليميني واليساري بفرنسا، من جهة، والضغوطات التي تمارسها جهات جزائرية نافذة لإبعاد عبد الرحمان غول عن رئاسة وتسيير الجمعية المكلفة بالإشراف على بناء المسجد''· ونفى برنارد غودر، أن يكون ''الصراع المغربي- الجزائري القائم حول تسيير المساجد بفرنسا، والذي انتقلت شرارته من العاصمة باريس إلى مرسيليا، لا يمثل السبب الرئيسي في تراجع الجزائر عن تمويل المسجد بغلاف مالي قدره مليون أورو وفي منطقة تعد الولاية الجزائرية رقم 49 بفرنسا''، مشيرا إلى وجود ''صراع داخلي يسعى للإطاحة بعبد الرحمان غول من قبل أطراف ذات نفوذ لاعتبارات سياسية''·وذكر نائب رئيس المكتب المركزي للشعائر الدينية بفرنسا، أن ''الخلافات بين تيار اليمين واليسار الفرنسيين، تقف وراء تحريك المياه لزعزعة مبادرات تعزيز الإسلام بفرنسا''، مضيفا ''إن شوائب وارتدادات هذه الحرب التي تظهر جليا في الحملات التي يقودها العلمانيون ضد الإسلام مسؤولة تسعى إلى توتير الأوضاع وممارسة الضغط لا غير، بهدف إجهاض أي مشروع ينافي اعتقاداتهم''· وكانت ''البلاد'' قد نشرت سابقا، احتمال تجميد الجزائر مبادرة تمويل مسجد مرسيليا الكبير، نظرا للمناورات التي تقودها الرباط والساعية للسيطرة على تسييره من خلال جمع الأصوات لصالح نور الدين شيخ، بالرغم من أن رئاسة الجمعية الدينية المسيرة للمسجد محسومة للجزائري عبد الرحمان غول· وتعود أصول الحرب الخفية التي تخوضها الرباط للسيطرة على إدارة المؤسسات الدينية بفرنسا إلى قضية مسجد باريس ومحاولة الإطاحة بعميده دليل أبو بكر من رئاسة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وذلك بالاعتماد على قانون وزارة الداخلية الفرنسية الذي يحدد التمثيل بمساحة أماكن العبادة، إلا أن انسحاب الجزائريين من المجلس جراء نظام الانتخابات المعتمد والسيطرة المغربية عليه جعله فاقدا للشرعية في نظر الرأي العام الأوروبي المسلم، وهو ما حتم على بلدية باريس إعادة النظر في القضية وترجيح الكفة للطرف الجزائري من خلال تسيير مسجد مرسيليا وهو ما أثار حفيظة المغاربة الذين يهدفون إلى بسط يدهم على كافة المؤسسات والهيئات الدينية·كما سيؤثر قرار سحب الجزائر للحصة التمويلية المقدمة لبناء مسجد مرسيليا الكبير، سلبا على ميزان قوتها وهيمنتها على المؤسسات الدينية بفرنسا، حيث ستفسح هذه الخطوة، المجال للطرف المغربي لتحقيق مآربه المتمثلة في بسط يده على إدارة كافة المؤسسات الإسلامية، حيث تسيطر الرباط حاليا على اتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسي المحسوب على التيار الإخواني المغربي بنسبة 80 بالمائة وعلى ''تجمع مسلمي فرنسا''·