بدأت التحولات الكبرى التي يعرفها المجتمع الجزائري، تبرز شكلا آخر من التأثير المباشر على صناعة أجيال المستقبل في المدرسة وخارجها. قبل سنوات قليلة كان مظهر أي طفل يبيع أي مادة قابلة للاستهلاك أمر مشين في المجتمع ، عل الرغم من معدلات البطالة والأمية وغيرها السائدة آنذاك. اليوم... نعيش وضعا آخر، هو انعكاس طبيعي لمظاهر الردة التي يمر بها مجتمعنا، أو لنقل لمظاهر التحول في جانبها السلبي.. لقد دفع الوضع الاجتماعي الصعب الذي تمر به آلاف العائلات في بلادنا، إلى الدفع بالأطفال نحو امتهان تجارة الرصيف، أو تعلم حرفة يدوية ..أو التسول .. ولأن الإصلاحات التي عرفها قطاع التربية لم ترافقها تحسينات في الجانب الاجتماعي للوضع الخاص بملايين الجزائريين، الذين لا يفتكّون دينار زيادة في أجورهم إلا بالإضراب والإعتصامات والمحاكم ، لهذه الأسباب انحصر تأثير الإصلاحات في جانب معين فقط دون أن يظهر إيجابية شاملة، بينما ستزداد نسبة التسرب المدرسي نتيجة الفقر و حاجة العائلات للدفع بأطفالها في سوق العمل والتجارة الموازية . في مجتمعنا وبعد قرابة نصف قرن من الاستقلال، نمر بنوع جديد من الردة في المفاهيم والقيم ، وبعد أن كان الأولياء يكدون من أجل ضمان تعليم محترم لأبنائهم، بدأت الحاجة الاجتماعية في إفراز جيل جديد من ''الأطفال الآباء''، الذين دفعت بهم عائلاتهم إلى البحث عن مصدر لقمة العيش، ببيع ''المطلوع'' الخبز المحضر تقليديا في المنزل وعرضه في الأسواق، والظاهرة لا تقتصر على شهر رمضان، بل تكاد تكون يومية...فمرحبا بمدرسة ''المطلوع'' التي تستنزف قدرات أجيالنا في شارع لا يصنع غير الانحدار.