توقف عملية التبريد أثناء نقل البضائع.. أكبر خطر يهدد صحة المواطن المتجول في أسواق الجزائر يصور له أنه في جنة لا يغيب عنها أي نوع من الفواكه والخضر الموسمية كانت أو سنوية فالمواطن الجزائري أصبح يأكل الفراولة والخوخ والبطيخ في جانفي ويأكل البرتقال في شهر أوت والطماطم لا تغيب عن السوق يوما واحدا ولا البادنجان الذي كان ينتظر عشاقها فصل الصيف لتذوقها حيث كان لطعم الخضر والفواكه ذوق خاص عكس ما نجده الآن. فغرف التبريد أصبحت توفر للمواطن المنتوجات على مدار السنة إلا أن عدم مراعاة شروط الحفظ والتبريد أصبحت تهدد حياة المواطن وتسبب له مشاكل صحية.. غرف التبريد أصبحت لا تستوفي الشروط اللازمة قادنا البحث عن إجابة لسؤال كيف تحولت بعض المنتجات من موسمية إلى سنوية، إلى إحدى غرفة التبريد "بالكاليتوس" حيث تحدثنا مع صاحبها حول هذا المشروع كونه الأول ببلدية "الكاليتوس" فاجأنا بأنه لم يكن يفكر في مشروع مماثل لكن أخاه الذي يملك أرضا فلاحية بالحطاطبة اقترح عليه الموضوع وأكد له أن سيدر عليه أرباحا طائلة، وكان الأمر كذلك إلا أنه يجهل العديد من الأمور حول شروط الحفظ والتبريد. دخلنا الغرفة بدافع الفضول فلاحظنا أربعة أنواع من المنتجات الفلاحية: البطاطا والبصل والفلفل والبرتقال. رغم أننا في موسم البرتقال ولسنا بحاجة إلى هذه الغرف إلا أن ابتسامة صاحب الغرفة عند سؤالنا عن سبب تخزين هذه المنتوج توضح نيته في تخزينها لإشعار آخر. يقول صاحب الغرفة عن جهل إن هذه المنتوجات تحتمل تبريدا طويل المدى لأنها صلبة على عكس بعض الفواكه أو الخضر سريعة التلف مثل الموز أو العنب أو الفراولة التي لا تبقى مدة طويلة بغرف التبريد. كما أنه جاهل جهلا تاما للشروط الأساسية لهذه العملية من مدة التبريد الضرورية لكل مادة، ودرجة رطوبتها وكذلك الدرجة المناسبة لحفظها أو عدم جمع العديد من المنتجات في غرفة واحدة على غرار البرتقال والبطاطا التي لا تحتمل منتوجا آخر معها في غرفة التبريد. الخضر والفواكه التي تتجاوز مدة تبريدها المحددة خطر على صحة المستهلك أصبح المواطن الجزائري يستهلك سموما على غير دراية بسبب بعض التجار الانتهازيين الذين يقومون باحتكار السلع في غير موسمها ليلهبوا أسعارها ويستنزفوا جيوب الجزائري البسيط، حيث أصبحت الخضر والفواكه تبقى في غرف التبريد لفترات تفوق المدة المحددة فتفقد قيمتها الغذائية وتكون خسارة المستهلك مضاعفة يشتري سلعا بسعر مرتفع وقيمة غذائية قليلة او منعدمة في بعض الأحيان.. هذا ما أكدته بعض المصادر المطلعة ل"البلاد" حيث أصبح أصحاب غرف التبريد يحتكرون السلع لفترات تفوق مدتها المحددة متجاهلين شروط الحفظ والتبريد ما يجعلها خطرا على صحة المواطن. أكد السيد حموني تقني سام في التبريد وأستاذ بالمركز الوطني بالتبريد أن هناك شروطا يجب الالتزام بها في عملية التبريد أهمها وجود الرطوبة التي يحتاج إليها كل نوع من الخضر والفواكه وتختلف باختلاف تركيبة المنتوج مع وجوب احترام مدة الحفظ ودرجة الحرارة داخل الغرفة. فالبطاطا على سبيل المثال التي تخضع لعملية تبريد طويلة رغم إنتاجها الوفير في الجزائر، يجب أن تكون درجة الرطوبة لا تقل ولا تزيد عن 90 درجة مئوية تكون درجة حرارة الغرفة 4 درجات، ومدة تتراوح بين 20 و35 أسبوعا مع ضرورة تعرضها لضوء الشمس أو الضوء الإصطناعي حتى لا تتحول قشرتها إلى أخضر مائل إلى البنفسجي مما يؤكد أنها غير صالحة وقد تؤدي إلى تسممات غذائية. أما عن الطماطم والتي لا تقل أهمية عن البطاطا من حيث حضورها على المائدة ا فالاهتمام بها يكون خاصا نوعا ما، ويعود ذلك لتركيبتها الهشة وسهولة تلفها فعادة ما يقوم الفلاحون بترميصها وهي لن تنضج بعد وتوضع في غرف التبريد للاحتفاظ بها وتكون درجة الحرارة بين 10 و12 درجة مئوية وذلك لمدة سبعة إلى عشرة أيام، بينما تبقى من أسبوعين إلى أربعة أسابيع بين 18 و20 درجة مئوية إذا كانت ناضجة. أما الفواكه فمدة الاحتفاظ بها تختلف من نوع إلى آخر، فالبرتقال لا يمكن الاحتفاظ به لأكثر من شهرين في درجة حرارة 2 إلى 4 درجات. ويؤكد السيد حموني أن الغرفة التي تكون فيها هذه الفاكهة لا يمكن أن تحتوي على منتوج آخر فذلك سيخلق بكتيريا تؤثر عليه. أما الفراولة المعروف أنها جد حساسة فهي لا يمكن أن تبقى في غرف التبريد أكثر من عشر أيام في حرارة لا تتجاوز 1 درجة مئوية، أما الموز المعروف بهشاشته فلا يمكن أن ينقل وهو ناضج لذلك يتم قطف الموز وهو لا يزال أخضر وإذا تم نقله لمدة أكثر من 5 أيام فإن التبريد يكون ضروريا وإلافسد وتعفن، ويمكن الاحتفاظ به في غرف التبريد لمدة ثلاث أسابيع كحد أقصى في درجة حرارة 10 إلى 14 درجات. منتجات فلاحية مستوردة تفقد قيمتها الغذائية يشدد الخبير الدولي في علم التجميد وعضو المجلس العلمي للجمعية الجزائرية للطب الشرعي، الدكتور أحمد تشيكو، على خطورة استهلاك الخضر والفواكه وكذا اللحوم والأسماك المجمدة التي تفوق المدة المحددة لتجميدها والتي تسبب تسممات غذائية قد تؤدي إلى موت صاحبها، فغياب الرقابة وانتشار غرف التبريد العشوائية التي لا تستوفي الشروط الأساسية والتي تضر بالمواد الغذائية وهذا ما نلاحظه أثناء التسوق فبمجرد وقوع النظر عليها تظهر أنها قديمة ذات لون متغير وطعم متغير، كما أنها تفقد قيمتها الغذائية نتيجة عدم احترام التجار للشروط الضرورية ولمدة الحفظ المخصصة لذلك. ويؤكد الدكتور أن معظم عمليات حفظ المواد الغذائية تتم بطريقة عشوائية في غياب تام لمراعاة الشروط حيث يجهل معظم مسؤولي غرف التبريد الطريقة المثالية للحفاظ على الخضر، مؤكدا أن أكبر خطر يهدد حياة المستهلك هو تلك المواد المستوردة من خضر وفواكه ومواد غذائية أخرى لعدم توفر بطاقة تقنية تكشف فيها جميع المعطيات من المدة المحددة للحفظ في غرف التبريد وتحديد تاريخ بداية حفظ السلع والمدة التي قضتها تلك السلع في غرف التبريد بالبلد الأصلي وشروط أخرى، لذلك يجب على المستورد أن يحوز بطاقة تقنية بها كل المعطيات أي منذ متى تم تبريد المنتج ومتى يجب أن تنتهي العملية. كما أن مدة نقل هذه المنتجات قد تتوقف أثناءها عملية التبريد مما يشكل خطورة أكبر إذا تمت إعادة تبريدها. وذكر شيكو طريقة أخرى أصبحت تعتمد بالجزائر وهي طريقة كيمياوية يتم من خلالها تعريض البطاطا لأشعة كيمياوية تجعلها صالحة لمدة سنوات تصل حتى الخمس والذي يفقدها قيمتها الغذائية تماما. من جهتها كشفت أخصائية التغذية "أمينة جميلي" عن تناقص القيمة الغذائية بالتخزين الطويل حيث يبدأ متسوى الفيتامينات في التناقص بمجرد قطف الثمار لتنتهي في غرف التبريد أو في الثلاجات. فحفظ المنتوجات عن طريق التبريد، تخضع لمقاييس ومعايير مننها الحفظ الجيد، الالتزام بالمدة المحددة للمنتوج والتخزين المناسب له وكيفية عرضه وسلسلة التبريد وغيرها. كما أن المواطن الجزائري، حسب ذات المتحدثة، أصبح يشجع هذا السلوك عن جهل بمخاطره من جهة وعن رغبته في تناول كل المنتجات طلية السنة لكنه لا يعلم أن ذلك يؤدي بصحته إلى الهلاك لأنها تكون شبه منعدمة القيمة الغذائية وفي مرات تكون سامة تؤدي إلى الهلاك. فقوام الخضر والفواكه لونها ليس معياراً كافياً للاطمئنان على نوعية المنتوج وسلامته من الناحية الصحية، بل التفطن إلى بقائها مدة طويلة تفوق مدتها يعد عاملا مهما وهنا تقع على التاجر والفلاح مسؤولية ضمان سلامتها ومسؤولية المستهلك في المجازفة بصحته.