إقبال كبير مع نهاية السنة الجارية للجزائريين المقيمين في فرنسا على كامل المراكز القنصلية الجزائرية في فرنسا البالغ عددها 18 من أجل استخراج جواز السفر البيوميتري، عقب الموافقة على قانون رفع ثمن دمغة جواز السفر، حيث سيدفع المغتربون 60 أورو بعدما كانت 20 أورو من أجل الحصول على جواز بيوميتري صالح ل 10 سنوات. "البلاد" توجهت إلى قنصلية الجزائر بمدينة غرونوبل التي يوجد بها العدد الأكبر من الجزائريين المقيمين بفرنسا، للوقوف على سير عملية استخراج جواز السفر، أو تمديده لعام إضافي. موقع القنصلية خارج الإطار والخط الهاتفي حدث ولا حرج في البداية قمنا بزيارة موقع القنصلية على شبكة الإنترنت لأخذ موعد كما يحدث هنا مع العديد من الإدارات الفرنسية، لنتفاجأ بمحتوى الموقع الذي لا يمنحه زائره إمكانية الحصول على موعد لإيداع الملف، وحتى المعلومات المطروحة فيه ليستفيد منها المهاجرون المقيمون ليست كافية، لنتحول إلى وسيلة أخرى وهي الخط الهاتفي لعلّ وعسى نتمكن من أخذ موعد أو حتى إخطار المسؤولين أن بعثة وسيلة إعلامية جزائرية ستصل، وهنا زاد ذهولنا، فعند الاتصال بالرقم الوحيد، يتكلم معك صوت مسجل ليمنحك قائمة الخدمات ومنها أخذ موعد، واستمر اتصالنا حوالي 15 دقيقة دون أن نتمكن من ذلك، لهذا قررنا التوجه إلى مقر القنصلية ونقف على ما يحدث هناك لعلنا نجد إجابات للأسئلة الكثيرة التي خطرت ببالنا. ال 7 صباحا، 0 درجة مئوية... وأكثر من 50 عائلة في الموعد، بعضهم نائم في السيارات 0 درجة مئوية تمام الساعة السابعة صباحا وبرد شديد عند الوصول إلى مقر القنصلية الجزائرية في غرونوبل التي تقع جنوب شرق فرنسا، وتعتبر المدينة الأكبر بمنطقة رون ألب بعد مدينة ليون، وجدنا عددا كبيرا من السيارات في المواقف التي تحيط بالقنصلية وعند بابها وجدنا عددا كبيرا من العائلات، لنتأكد من عددها عندما سجلنا في قائمة "ابتكرها" رواد القنصلية أنفسهم لتنظيم الأمور في الطابور الكبير، حيث سجلنا تحت رقم 52، لنقوم بعدها بجولة خفيفة في محيط القنصلية، حيث وقفنا على مشهد مؤثر لأطفال ورضع وشيوخ وحتى حوامل بعضهم نائم في سيارته. الطابور يبدأ من ال 4 صباحا والفرنسيون يشتكون من الضجيج. اقتربنا من المسجلين الأوائل في القائمة لنعرف موعد التحاقهم، حيث وصل المسجل الأول تمام الساعة الرابعة صباحا بسيارته الخاصة وظلّ واقفا تخوفا من تضييع مكانه رغم أنه يدرك أن القنصلية تفتح أبوابها تمام الساعة التاسعة والنصف صباحا، فيما التحق المسجلون ال 10 الأوائل قبل الساعة الخامسة وظلوا كلهم يتحدثون بصوت مرتفع قليلا يسمعه الجيران المقيمون في حي مقر القنصلية، وغالبيتهم من الفرنسيين مما دفعهم لتقديم شكاوى مرارا وتكرارا إلى سلطات بلدهم التي لم تجد ما تقوم به على اعتبار أن الرصيف الذي يصطف فيه الجزائريون ملك للقنصلية ولا يستطيع أي مسؤول فرنسي أن يطأه ولا حتى شرطي إلا بموافقة القنصل العام. مناوشات لا تتوقف و"البلاد" منعت من التصوير قبل الساعة الثامنة التحق متطوعان كبيران في السن من الجالية المقيمة بالمدينة حيث تعودا على المساهمة في التنظيم ومعروفون في أوساط القنصلية، ويقومون بعمل جبّار من أجل ضمان أحسن تنظيم، إلا أنهم يلقون في كثير من الأحيان كلمات مهينة ويجدون أنفسهم يتشابكون مع المواطنين، حيث يطلبون منهم فتح الأبواب باكرا للهروب إلى قاعة اانتظار من الصقيع والبرد القارص والمطر. المتطوعون ارتبكوا كثيرا في وجود كاميرا "البلاد" وحاولوا منعنا من التصوير رغم أننا أخرجنا بطاقتنا وكنا نصور الشارع أمام مقر القنصلية، إلا أننا واصلنا عملنا وحاولنا توثيق كل ما يحدث بالصوت الصورة لإيصال جزء ومثال حي من معاناة "الزماقرة" في القنصليات الجزائريةبفرنسا. الكل يرغب في جواز بيوميتري قبل نهاية السنة بسبب رفع قيمة الطابع ب 40 أورو من خلال الحديث الذي جمعنا مع المواطنين في الطابور تبين لنا أن أغلبهم إن لم نقل كلهم أتى من أجل استخراج جواز السفر البيوميتري قبل نهاية السنة الجارية، حيث إن بعضهم لا يريد دفع 60 أورو مقابل جواز جديد رغم أن مدة صلاحيته 10 سنوات. فالجزائريون المقيم،ن بفرنسا وكغيرهم في الدول الأخرى وحتى في الجزائر اهتموا كثيرا يتصويت نواب المجلس الشعبي الوطني مؤخرا على اقتراح تبنته لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، والمتمثل في تعديل المادة 25 المتعلقة، بتعديل أحكام المادة 136 من قانون الطابع المتعلق برسم جواز السفر، الذي تضمنه مشروع قانون المالية لسنة، 2015 برفع قيمة الطابع الذي أصبح في الجزائر مقابل 6000 ألف دينار وفي فرنسا من 20 أورو إلى 60 أورو. عديد قليل من المواطنين لم يأتوا من أجل جواز السفر بل كانوا يرغبون في الحصول على وثائق أخرى على غرار طلب وكالة وعقود الزواج، ومنهم من عاد أدراجه لاستحالة دخوله القنصلية وسط أصحاب جوازات السفر. كما صادفنا طيلة يوم كامل عددا لا بأس به من الفرنسيين يدفعون ملف الفيزا أو يستعيدون جوزا سفرهم من أجل القدوم إلى الجزائر وبدوا مندهشين من هول ما رأوه، ولو أن المنظمين حاولوا تقديم خدمة جدية لهم على اعتبار أنهم سياح أو رجال أعمال سيفيدون الجزائر. التحاق أصاحب المواعيد وفتح الأبواب على ال 9:30 لتبدأ المعاناة الحقيقة عند الساعة الثامنة التحق عدد كبير من أصحاب المواعيد الذين منحت لهم سابقا في مقر القنصلية أو ممن كان لهم الحظ عبر الخط الهاتفي، لتختلط الأمور على المنظمين الذين أصبحوا أربعة، على من يدخل أولا عند فتح الأبواب، وعند فتحها على الساعة ال9:30 وقعت مشاداة بعد محاولة بعض المواطنين الولوج إلى المقر أولا بغض النظر عن ترتيبهم في القائمة، وخرج موظفان في القنصلية لتنظيم الأمور وتمكنا من ذلك بصعوبة بالغة ولو لبضع دقائق لتختلط من جديد بعد دخول 10 عائلات فقط، وتم إغلاق الأبواب من جديد. مسؤولو القنصلية يهددون بإغلاقها ورغم أن أحد الموظفين وهو مسؤول داخل القنصلية هدد بإغلاق المقر والتوقف عن العمل في حال لم ينظم المواطنون أنفسهم في طابور، إلا أن ذلك لم يحدث فيهم أي شيء والأكثر من ذلك، حدوث تدافع كبير أمام الباب كاد يلقى عدد من الشيوخ والعجائز والأطفال والحوامل حتفهم، حيث سقط بعضهم واختنق الآخر في مشهد صادم. وما أثار دهشتنا أن بعض المواطنين قفزوا على الحائط الذي يعزل فناء صغير به باب قاعة الانتظار أو حتى حائط منزل فرنسي، رغم وجود كاميرا المراقبة دون خوف، حتى إن أحدهم أخطر المنظمين أنه قفز على الحائط وترك أولاده خارجا رغم أنه يمتلك موعدا ويحمل ورقة تثب ذلك. لماذا "نفس" الجزائريين يصطفون بانتظام أمام الإدارات الفرنسية؟ "البلاد" كانت قد وقفت في وقت سابق على توافدجزائريين على مقر ولاية ليون للحصول على بطاقات إقامتهم أو تجديدها، حيث يصطفون في طابور طويل دون إحداث أي جلبة يبدأ قبل الساعة الخامة صباحا مع العديد من المهاجرين من جنسيات أخرى، حتى الساعة الثامنة والنصف موعد فتح الأبواب ويتحدثون مع المنظمين بصوت لا يكاد يسمع واحترام كبير وفي حال قرروا توقيف منح رخص الدخول يشكرون المنظمين ويتمنون لهم يوما موفقا ويعودون إلى منازلهم، ويرجعون في اليوم الموالي بكل فرح وسرور وحتى في حال طولب منهم العودة مرة أخرى بسبب ورقة غير واضحة أو نقص وثيقة فإنهم يذهبون راضين تمام الرضى. صغر مقر القنصلية وطريقة منح المواعيد لا تسمح بتقديم خدمات في المستوى مقر القنصلية الجزائرية في غرونوبل هو عبارة عن فيلا صغيرة وكل جزء منها فيه مكتب مخصص لخدمة ما، مما لا يسمح بتقديم خدمة في المستوى للعدد الكبير من الجزائريين الذين يسكون في المقاطعات التي تقع تحت إشراف قنصلية غرونوبل على غرار "أوت سفوا" و"سفوا"، كل ذلك تضاف إليه صعوبة أخذ موعد عبر الهاتف بسبب وجود خط واحد واستحالة أخذه عبر الوقع الرسمي، دون أن ننسى أن الإقبال لا يكون كبيرا طيلة أيام السنة، فهذه المرة يتعلق الأمر بتجديد استخراج جواز سفر صالح ل 10 سنوات. الموظفون لم يقصّروا ويعملون حتى السابعة مساء رغم تعرض بعضهم للاعتداء تمام الساعة الخامسة مساء موعد مغادرتنا مقر القنصلية، تركنا عددا لابأس به من الجزائريين في الداخل ينتظرون دورهم رغم أن الدوام ينتهي على الساعة الرابعة والنصف، والإرهاق كان يبدو على وجوه الموظفين. وللأمانة فإنهم لم يقصروا في عملهم حيث يعملون حتى السابعة مساء في كثير من الأحيان، مثلما أكد لنا القنصل العام عيسى روماني، علما أن المغرب تمام الساعة الرابعة وأربعين دقيقة، وهذا رغم أنهم يتعرضون لمختلف أنواع الإهانات وحتى الاعتداءات مثلما حدث لمسؤول داخل المقر، وحدث أن شابا هدد حارسا بالقتل، إلا أنه بقى هادئا وحاول تهدئته، ولو حدث ذلك في إدارة فرنسية لكان مصيره السجن أو حتى الطرد من فرنسا.