كشفت مصادر حكومية أردنية وأخرى سياسية مقربة من مطبخ القرار السياسي والأمني في العاصمة الأردنية أن عمان بدأت بالفعل في تدشين مفاوضات سرّية غير مباشرة مع تنظيم "داعش" لتحرير طيارها معاذ الكساسبة المحتجز لدى التنظيم. وأكدت المصادر أن غرف عمليات شُكلت منذ وقوع الطيار بأيدي التنظيم الأربعاء الماضي على أعلى المستويات ضمت قيادات بارزة في الحكم، وبدأت بإجراء اتصالات مكثفة مع أطراف إقليمية ودولية ومع شخصيات سياسية وعشائرية فاعلة داخل العراق، للبحث عن وساطات، ومناقشة السيناريوهات المتعلقة بمصير الطيار الكساسبة والخروج من الأزمة بأقل التكاليف. وتحدث مصدر رفيع عن بعض تفاصيل هذه الاتصالات، وقال إن "هناك اتصالات أجريت مع الأتراك، وهناك توجه لإجراء اتصالات مماثلة مع الأشقاء القطريين". وقال مصدر آخر إن "ثمة اتصالات مكثفة جرت وتجري حاليا مع قيادات العشائر السنية الفاعلة غربي العراق، لتقوم بدور الوسيط". ويمتلك الأردن علاقات قوية بقادة العشائر العراقية، ويقيم الكثير من هؤلاء في عمان، التي توفر لهم الحاضنة الرسمية. ولا يستبعد مراقبون أن تنخرط المؤسسة الأمنية القوية وتحديدا جهاز المخابرات العامة في مفاوضات مباشرة مع التنظيم في فترة ما من عمر المفاوضات غير المباشرة. وتمتلك المخابرات الأردنية قاعدة بيانات ضخمة عن الشخصيات المؤثرة داخل التنظيم، وقد نجحت بالفعل في أوقات سابقة في التواصل مع شخصيات فيه من خلال اختراق مواقعهم وصفحاتهم على الإنترنت. وقال وزير بارز في الحكومة الأردنية "نعم هناك مفاوضات غير مباشرة تجري وراء الكواليس، ومستعدون للدخول في تسوية ما كل ما يهمنا هو إطلاق سراح ابن الأردن معاذ الكساسبة، لكننا لا نستطيع الخوض في التفاصيل"، مضيفا "لدينا معتقلون متهمون بالإرهاب على غاية من الأهمية بالنسبة لتنظيم داعش الإرهابي، وهناك تفكير جدي في التفاوض عليهم، لكننا في الوقت ذاته لن نساوم على موقفنا من محاربة الإرهاب وسنبقى جزءا مهما من التحالف الدولي". وكان زعيم "السلفيين الجهاديين" في مدينة معان "250 كم جنوبعمان" محمد الشلبي الشهير ب"أبي سياف" قد أصدر بيانا صحفيا عصر الخميس قال فيه إن "تنظيم داعش سيطلب من الأردن إطلاق أسرى يخصونه مقابل إطلاق الرهينة الأردني"، موضحا "علمنا أن التنظيم سيطلب استبدال الطيار الكساسبة بالأسيرة ساجدة الريشاوي التي أرسلها أبو مصعب الزرقاوي مؤسس داعش لتنفيذ مهمة في الأردن، تفجيرات فنادق عمان 2005، كما سيطلب استرداد الأسير لدى السجون الأردنية زياد الكربولي، وهو أحد أفراد تنظيم داعش، وربما يطلب استرداد آخرين". ورفض "أبو سياف" تقديم معلومات إضافية عن ما إذا كان هناك اتصالات بينه وبين مسؤولين أردنيين لبحث ملف الطيار، وقال "الوقت غير مناسب للخوض في التفاصيل".