مخاوف من تهريب اليورانيوم من الجزائر والنيجر إلى الأراضي الليبية فرضت مصالح الأمن المتخصصة بالجزائر تدابير أمنية مشددة على المواقع والمنشآت والمواد النووية في سياق تحذير تقرير أمني أمريكي تم توزيعه على بلدان دول الساحل من مخطط لتنظيمات جهادية تتصدرها "القاعدة" وÇداعش" للحصول على مواد مشعة واستخدامها في اعتداءات إرهابية بالمنطقة. ويعكس التقرير الذي دعا دول الساحل إلى تعزيز مراقبة الحدود مخاوف جديّة من اختراق مجموعات إرهابية لتلك المواقع الحساسة وتهريب مواد خطيرة خاصة من الجزائر والنيجر إلى بؤر الإرهاب في ليبيا ومالي. ولم يحدد التقرير الاستخباراتي الأمريكي طبيعة تلك الاعتداءات ولا الأهداف المتوقع استهدافها بدقة في تلك الدول، لكنه شدد حسب ما نشرته صحيفة "وورلد تريبون" الأمريكية أمس على أن "المجموعات المسلحة في منطقة الساحل شرعت في المدة الأخيرة في بذل مساع للحصول على مواد مشعة واستغلالها في تنفيذ هجمات إرهابية وهذه الخطوة لا بد أن تلفت أنظار الجميع لأقصى درجات اليقظة خاصة على الحدود". وأشار التقرير إلى "أن الإرهاب النووي عموما يتخذ ثلاثة أشكال هي: استخدام الذخائر النووية "خاصة القنابل الصغيرة" لإصابة أهداف محددة، وتنفيذ الأعمال الإرهابية ضد المنشآت النووية "بما في ذلك مفاعلات الطاقة العاملة بالوقود النووي"، واستخدام المواد المشعة، بما فيها المواد المنخفضة الإشعاع، بهدف القتل". وتحدثت الصحيفة الأمريكية عن المجهودات التي تبذلها الجزائر في هذا المجال وآخرها الملتقى الأخير حول "الأمن النووي ومراقبة الإشعاعات الذرية على مستوى الحدود" الذي أعلن فيه المدير العام للجمارك عبدو بودربالة أنه "سيتم تكوين وحدات جمركية بالتنسيق مع محافظة الطاقة الذرية لمنع دخول كل السلع المستوردة التي تحتوي على مصدر إشعاعي تهدد حياة الإنسان ومن شأنها أن تلوث البيئة". وأكد مسؤولون للصحيفة الأمريكية أن الجزائر تواجه تهديدا متجددا من قبل مقاتلي القاعدة الموجودين ببلد المغرب الإسلامي وكذا الميليشيات المسلحة التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، كما أن هذه الهجمات الوشيكة تقتضي مضاعفة إجراءات المراقبة والدعم للجيش الوطني الشعبي وقوات الأمن المكلفة بمواجهة الإرهاب بكل أشكاله. ويتزامن التقرير الأمني الأمريكي مع إصدار رئيس الجمهورية لمرسوم رئاسي كشف عنه مجلس الوزراء مؤخرا يحدد الإجراءات الخاصة بالأمن النووي المطبقة في مجال الحماية المادية للمنشآت النووية والمواد النووية وأمن المصادر المشعة. ويشمل المرسوم الرئاسي، الذي تمت المصادقة عليه، الإجراءات الواجب احترامها من طرف الأشخاص الماديين والمعنويين المعنيين، من أجل حماية المنشآت والمواد النووية أو المشعة التي هي تحت مسؤوليتها. وتخص هذه الإجراءات تكوين وتأهيل ورسكلة الموارد البشرية المكلفة بالأمن النووي تأهيل وحماية المنافذ إلى المنشآت النووية وحماية المعلومات والمنشآت والمواد النووية والموارد المشعة. وتبدو هذه المسألة على درجة من الحساسية بالنظر إلى أنها تتحدث -لأول مرة- عن إجراءات خاصة لحماية المنشآت النووية الجزائرية، التي نادرا ما تناولها الإعلام، ويتعلق الأمر بمفاعلي "نور" وÇالسلام". ويأتي قرار تحديد إجراءات خاصة لحماية هذا النوع من المنشآت في ظرف إقليمي يتميّز "بفوضى السلاح" على الحدود الجزائرية الليبية وتزايد النشاط الإرهابي لأنصار الشريعة على الحدود مع تونس، ونشر عشرات الآلاف من جنود الجيش الوطني الشعبي على الحدود مع ليبيا الغارقة في "حرب استنزاف" بين أطراف عدة، وما حدث ويحدث في خضم هذا الجو من استهداف للسفارات والقنصليات، خاصة العربية منها، وآخرها محاولة استهداف مقر السفارة الجزائرية في طرابلس وقبلها بأشهر محاولة اختطاف السفير الجزائري عبد الحميد بوزاهر، الذي نجا بفضل عمل استخباري مكن قوات خاصة من الجيش من ترحيله ومرافقيه إلى الجزائر وإغلاق السفارة والقنصلية في الأراضي الليبية. ويعطي هذا الجو الانطباع بأن قرار تشديد الحماية على "النووي الجزائري" جاء في سياق "احتياطات" أمنية طارئة وخاصة جدا، لتفادي تعرض هذه المنشآت لأي عمل عدائي، حيث ظلت هذه المنشآت في أمان كامل منذ إقامتها.