قرّر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تعزيز أمن البلاد من الخطر النووي، سواء القادم من الخارج عبر الحدود أو من إمكانية استعمال بقايا الجماعات الإرهابية سلاحا يحمل إشعاعا نوويا، من خلال إنشاء مركز للتكوين والدعم في مجال الأمن النووي يتولى رئاسته محافظ الطاقة النووية، مع تمثيل لمختلف الأجهزة الأمنية بما فيها دائرة الاستعلام والأمن والوزارات المعنية. وقّع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة نهاية فيفري الفارط مرسوما رئاسيا لإنشاء مركز للتكوين والدعم في مجال الأمن النووي يلحق بمحافظة الطاقة النووية ويوضع تحت وصاية وزارة الطاقة والمناجم، وحسب المرسوم الصادر أمس في آخر عدد للجريدة الرسمية فإن المركز سيكون مقرّه في الجزائر العاصمة مع إمكانية نقله إلى أي مكان آخر من التراب الوطني متى اقتضت الضرورة بقرار من الوزير الوصي شخصيا، بينما حدّد المرسوم المهمة الأساسية للمركز هو تكوين موارد بشرية عالية الكفاءة في مجال الأمن النووي مع تقديم الدعم العلمي والتقني للسلطات المعنية بتصميم وتنفيذ السياسات الوطنية للأمن النووي. ويكتسي هذا المركز أهمية بالغة، لما له من دور في تعزيز أمن البلاد وتحصينها من أي خطر نووي، خاصة بعد تطور نشاط الجريمة المنظمة العابرة للحدود ومنها الجماعات الإرهابية التي ما تزال تمثل خطرا على البلاد خاصة بعد تمكنها من الوصول إلى أسلحة متطورة بسبب النزاعات المسلحة في بعض الدول، على غرار ما حدث في ليبيا ووصول السلاح الليبي إلى أيدي عصابات المتاجرة بالسلاح. ومن بين المهام التي حدّدها المرسوم الصادر أمس لهذا المركز الذي ستنشئه الجزائر قريبا ضمان التكوين المتخصص وتحسين المستوى وتجديد المعارف للمستخدمين المكلفين بالأمن العام والرقابة عند الحدود والرقابة الجمركية والحماية المدنية وحماية المنشآت النووية بهدف الوقاية من كل استعمال عدواني للمواد النووية والمواد المشعة، إلى جانب ضمان التكوين المتخصص في علم أدلة الإجرام النووي والوقاية من الإرهاب النووي والإشعاعي ومكافحة الاتجار غير المشروع بالمواد النووية والمشعة، مع المساهمة في تحليل الخطر النووي والإشعاعي خدمة لسياسة وقائية معززة ضد أعمال الإرهاب النووي والإشعاعي وأي عمل عدواني يستهدف المواد النووية أو غيرها من المواد المشعة، وتحقيقا لهذه الأهداف التي تندرج في إطار تحصين الدولة ضد أي خطر نووي من الداخل أو من الخارج، يتولى المركز تطوير موارد بشرية مؤهلة في مجال الأمن النووي على الصعيدين الإقليمي والدولي إلى جانب ضمان التكوين الموجه إلى القطاعات الأخرى المستعملة للمصادر المشعة على غرار قطاع الصحة والبحث العلمي. وينصّ المرسوم الرئاسي المتضمن قرار إنشاء المركز على تولي محافظ الطاقة الذرية رئاسة مجلس إدارة المركز، على أن يضم المجلس ممثلين عن وزراء الطاقة والدفاع الوطني والداخلية والعدل والخارجية والمالية والنقل والصحة والبحث العلمي إلى جانب ممثل عن دائرة الاستعلام والأمن بوزارة الدفاع الوطني، ويتولى تسيير المركز مدير عام يعين بمرسوم رئاسي ويحضر أشغال مجلس الإدارة بصفة استشارية دون سلطة القرار، كما منح المرسوم لمجلس الإدارة صلاحية الاستعانة بأي شخص ذي كفاءة في أشغاله. وتحدد التشكيلة الاسمية لمجلس الإدارة بقرار من الوزير الوصي بعد تعيين أعضائه من السلطات التي ينتمون إليها، لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد، كما يتضمن المركز مجلسا علميا وبيداغوجيا يضم ممثلين عن مختلف مراكز البحث والمدارس والمعاهد العسكرية. ومن وجهة نظر المختصين فإن الجزائر تعدّ متأخرة جدا في مجال الأمن النووي الذي تحوّل إلى ضرورة قصوى وإستراتيجية لما يحمله التهديد النووي من مخاطر على أمن الدول بسبب وصول مافيا السلاح إلى هذا السلاح في العشريتين المنقضيتين؛ خاصة بعد تفكك الإتحاد السوفياتي وبعد تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية في إطار شبكات دولية على غرار تنظيم القاعدة مما يجعل وصولها إلى المواد المشعة واستعمالها في اعتداءات إرهابية ليس بمهمة المستحيلة.