رفض رئيس الجمهورية مقترحا تقدم به وزير العدل الطيب لوح من أجل جعل مجلس الدولة تحت وزارة العدل، في إطار سياسة الإصلاح التي يعرفها الجهاز القضائي في الفترة الأخيرة، غير أن الرئيس رفض هذا الطلب وفضل الإبقاء على هذا المجلس بعيدا عن أي سلطة أو رقابة. وحسب مصادر موثوقة، فإن الطلب الذي تقدم به الطيب لوح، تم رفضه من قبل رئيس الجمهورية لأسباب عدة، أهمها رفض الرئيس أن توضع الهيئة التي استحدثها في أكتوبر 2009 تحت وصاية أي وزارة كانت، وفضل أن تبقى هيئة مستقلة تفرض رقابة قضائية على أعمال الإدارة، وتتدخل فيها بوازع الصالح العام، لا سيما أنه شدد في آخر اجتماع وزاري له على محاربة الفساد وحماية وتكريس الحريات ودولة القانون، وهو ما يستند إليه مجلس الدولة في إطار الاحترام الصارم للقوانين والإجراءات التي تضمن حيادها. كما أن رفض الطلب يعني أن مجلس الدولة سيبقى الهيئة الوحيدة المخولة بالفصل في المنازعات الإدارية بين المواطنين والجهات الحاكمة في الدولة، وحصن للحقوق والحريات في البلاد وهو الذي يكبح جماح الجهات الإدارية، إذا حادت عن جادة الصواب وتصحيح حكم القانون. للتذكير، فإن مجلس الدولة سبق وأن ألغى نتائج المؤتمر الاستثنائي للأفالان الذي زكَى علي بن فليس مرشحا للحزب للرئاسيات. كما أن مجلس الدولة الذي يعد أحد الأعمدة الثلاث التي تشكل السلطة القضائية، يعتبر صمام أمان في كثير من الخلافات السياسية، ومتابعة الملفات الكبرى. كما يساهم بكيفية أخرى في تدعيم مسار دولة القانون من خلال الوظيفة الاستشارية التي أسندها له الدستور، مما جعله شريكا في صنع التشريع إلى جانب السلطات الأخرى، حيث يساهم من خلال مهمته الاستشارية في إثراء المنظومة القانونية ومدى تطابق النصوص المعروضة عليه مع المحيط القانوني بصفة عامة، بفحصها من جوانبها القانونية والدستورية. يذكر أن تأسيس مجلس الدولة جاء في سياق الإصلاحات المنتهجة من طرف السلطات العمومية، والتي جعلت مسألة إرساء أركان دولة القانون هدفا أساسيا وخول المؤسس الدستوري مهمة رقابة نشاط الإدارة إلى هذا المجلس على رأس هرم الهيئات القضائية الإدارية، وإلى جانب هذه المهمة، فقد أسندت المادة 119 من الدستور وكذا المادة 4 من القانون العضوي 98/01 المؤرخ في 30/05/1998 إلى مجلس الدولة مهمة أخرى تتمثل في إبداء رأيه للحكومة حول جميع مشاريع القوانين قبل عرضها على مجلس الوزراء، وبهذا يكون المؤسس الدستوري قد منحه مكانة خاصة في النظام المؤسساتي وجعل منه هيئة من نوع خاص في النظام القضائي الجزائري تساهم في حماية الحقوق والحريات وفي إثراء المنظومة القانونية تدعيما لأسس دولة القانون.