العالم العربي يمر بفترة عصيبة تتطلب منا جعل العمل الثقافي أولوية أيها العلماء والمفكرون.. انشروا التنوير والاعتدال بين شبابنا أبدى الرئيس بوتفليقة اهتماما كبيرا بالعمل الثقافي ودوره في بناء المجتمعات وحفظ الاستقرار، حيث أوضح في رسالة مطولة بمناسبة "يوم العلم" وافتتاح تظاهرة "قسنطينة عاصمة للثقافة العربية"، أن الوفاء للقيم والثوابت يستوجب العمل على صون ذاكرة الأمة وترقية التراث الثقافي الوطني وهو ما تسعى إليه الجزائر من خلال السياسة الثقافية التي انتهجتها". وأضاف في الرسالة التي قرأها نيابة عنه مستشاره محمد بن عمر زرهوني، أن القصد من الدأب على إحياء يوم العلم كل سنة هو "تأكيد وترسيخ إيماننا المشترك بضرورة جعل التحصيل المعرفي قاطرة للتنمية والتجدد". وشدد رئيس الدولة على أن "الوفاء لقيمنا ولثوابتنا يملي علينا واجب العمل من أجل صون ذاكرة الأمة وتثمين مآثرها وأمجادها وترقية التراث الثقافي الوطني بكل مكوناته وتنوعه وبرموزه وبعبقرية أبنائنا المبدعين". وأكد الرئيس أن الثقافة هي "قوام الأمة والإسمنت الذي يرص بنيان وحدتنا، ما يستدعي تعزيزها لضمان الأمن الثقافي في خضم العولمة الجارفة وتوفير أسباب مناعة تعصم شبابنا من أن يكون فريسة للتطرف الديني والتعصب المذهبي.. مع الابتعاد عن النعرات والفتن". ومن هذا المنظور، يضيف "أضحى من الضروري بمكان إثراء منظومتنا التعليمية بالمحتوى الثقافي النابع من تاريخنا ومن إبداعات مؤلفينا وفنانينا لإيصال رسائلهم النابضة بالوطنية و مكارم الأخلاق الناصعة إلى الأجيال الصاعدة". وتوجه الرئيس إلى المثقفين والمفكرين والعلماء والأدباء الذين أهاب بهم أن "يعملوا ما استطاعوا على نشر ثقافة الاعتدال والتنوير لتكون درءا وحصنا منيعا.. في وجه دعاة الجهالة والظلامية". واعتبر الرئيس العمل الثقافي أيضا، "الأسلوب الأمثل والأنجع لإذكاء مشاعر الانتماء خاصة في هذه الفترة التاريخية العصيبة التي تتطلب من الدول العربية ككل "مزيدا من الالتحام والتعاضد"، مؤكدا أن الدول العربية تتقاسم اليوم "ضروبا من الأحزان والآلام بسبب التدمير الذي طال عددا منها والتي تمتحن في أمنها واستقرارها ووحدتها". ومضى بالقول "إنها لفترة تاريخية عصيبة تتطلب منا جميعا مزيدا من الالتحام والتعاضد في سبيل حقن نزيف جسم هذه الأمة المنهكة وإعادة بناء الحلم العربي على أساس المصلحة العربية"، داعيا إلى جعل العمل الثقافي على رأس الجهود التي تبذل من أجل استدراك ما ضاع منا وما أضعناه بأنفسنا مستنيرين بالقيم الجامعة لنا من هوية وتاريخ ودين ولغة". من ناحية أخرى، عاد رئيس الجمهورية للحديث عن قسنطينة التي ستكون على مدار سنة كاملة عاصمة للثقافة العربية، وهي المدينة التي كانت خلال كل الفترات التاريخية التي مرت بها سليلة المجد والشرف"، مؤكدا أنه "لا عجب في أن تختارها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عاصمة للثقافة العربية لعام 2015". وأشار إلى إدراج هذه التظاهرة الثقافية العربية في سياق احتفال الشعب الجزائري على مدار هذه السنة بمرور ستين عاما على ثورته التحريرية المظفرة التي كانت بمثابة "المشروع التحرري للأمة العربية جمعاء وللقارة الإفريقية". وعرج الرئيس على سيرة العلماء ومدى التأثير الذي يمارسونه في صلب المجتمع وصيرورته، مستحضرا بالمناسبة العلامة والمصلح عبد الحميد بن باديس، رائد النهضة الحديثة في الجزائر. وخلص رئيس الجمهورية إلى تأكيد حرصه على نجاح هذه التظاهرة الثقافية من خلال التفاعل الإيجابي، مع مساهمات كل البلدان العربية الشقيقة والاستفادة منها.