لا يوجد أي نائب تقدم بطلب التخلي عن الحصانة في تاريخ المجلس عرف الصراع الذي نشب فجأة ودون سابق إنذار بين وزيرة الثقافة نادية لعبيدي وزعيمة حزب العمال لويزة حنون منعرجا حاسما وخطيرا في نفس الوقت، بعدما نفذت لعبيدي تهديدها، ورفعت قضية قذف في حق حنون، مما يجعل أول امرأة عربية ترشحت لمنصب رئيس الجمهورية، أمام تحد صعب، كانت قد جهرت به، وهو تخليها عن الحصانة البرلمانية التي منحها إياها الدستور، مقابل مثولها أمام العدالة، وإثبات حقيقة اتهاماتها التي وجهتها لخليفة خليدة تومي، وفي مقدمة هذه الاتهامات تورط الوزيرة في قضايا فساد. قال مصدر مطلع ل«البلاد"، إن بعض نواب البرلمان في العهدات السابقة والذين كانوا متابعين من طرف القضاء في بعض القضايا لم يتنازلوا عن الحصانة البرلمانية التي يقرها الدستور للنائب البرلماني. لكن ذات المتحدث قال إن هناك بعض البرلمانيين وأنا أعرفهم وأعرف أسماءهم، وليس من اللائق ذكرها عبر وسائل الإعلام، تقدموا خلال العهدات السابقة برسالة للقاضي المكلف بالمحاكمة، يخطروه فيها بأنه تنازل عن الحصانة البرلمانية مؤقتا، وحتى نهاية المحاكمة وغلق الملف نهائيا بعد إصدار الحكم أي بهدف التقاضي وهو ما تستطيع حنون القيام به. لكن هذا الإجراء الذي قال عنه مصدر "البلاد" إنه قانوني وعمل به من طرف نواب سابقين وتحديدا قبل وصول الدكتور العربي ولد خليفة لسدة الغرفة الثانية هو الأقرب للميدان، إن أرادت حنون فعلا مواجهة لعبيدي داخل أروقة العدالة، دون أن تتنازل عن الحصانة البرلمانية المخولة دستوريا للنائب البرلماني، مردفا في السياق نفسه بأنه لم يعرف المجلس الشعبي الوطني في تاريخه نائبا برلمانيا تنازل طواعية عن الحصانة، وقدم طلبا كتابيا لمكتب المجلس بهدف استدعاء جلسة علنية لرفع الحصانة عن النائب المعني، حيث بقي الأمر مجرد تصريحات إعلامية من النواب المعنيين دون أن تترجم أقوالهم إلى أفعال تتجسد في طلب خطي مكتوب يوجّه لرئيس المجلس، كما أن تاريخ البرلمان لم يعرف إلا حالة واحدة حدثت مع النائب "محمود قنز" في عهد الرئيس المرحوم هواري بومدين الذي رفعت عنه الحصانة البرلمانية، التي من بين شروط سقوطها موافقة ثلاثة أرباع النواب على ذلك. واستبعدت مصادر مقربة من حنون أن تقوم هذه الأخيرة بمباشرة إجراءات الطلب الكتابي للتخلي عن الحصانة البرلمانية، كونها إن فعلت ذلك، فسيكلفها هذا الإجراء غاليا في المحطات القادمة، لأنها ستجد نفسها أسبوعيا تقريبا ملزمة بالحضور لجلسات المحاكم، للرد على القضايا التي سيرفعها أصحابها في حقها كون المرأة تصريحاتها النارية واتهاماتها في حق عديد الشخصيات لا تنتهي ولن تنتهي حسب آخر ما قالته. ما يعني "تمرميدة" حقيقية لامرأة سياسية ترى في نفسها أنها أكبر من البرلمان الحالي الذي تقاطع جلساته، فما بالك أن تصبح مداومة على جلسات المحاكم، خاصة أن لحنون صاحبة التصريحات المثيرة للجدل أعداء من كل حدب وصوب، سواء داخل التشكيلات السياسية المحسوبة على السلطة، أو العديد من الوزراء الحاليين، بالإضافة إلى رجل الأعمال علي حداد ومن يدور في فلكه من رجال المال والأعمال ورجال السياسة، ورؤساء حكومات سابقين، وكذا مجموعة كبيرة من قادة التيار الإسلامي الذي يعاديها، لذلك يرى العديد من المتابعين لهذا المسلسل الجديد في صراع حنون ولعبيدي أنه سينتهي دون أن يفتح أصلا، أي أن زعيمة العمال لن تتنازل عن "الحصانة" لما قد يفتح عليها هذا الباب من رياح عاتية قد يتسبب في ضررها وهز بيت حزب العمال بأكمله. هذه هي الحصانة البرلمانية وهكذا يتم رفعها طرحت قضية الحصانة البرلمانية خصوصا بعد أن رفعت وزيرة الثقافة نادية لعبيدي دعوى قضائية ضد الأمينة العامة لحزب العمال، العديد من التساؤلات حول طبيعة هذه الحصانة وكيفية رفعها والتخلي عنها، خصوصا بعد تصريح لويزة حنون أنها مستعدة لرفع الحصانة البرلمانية عن نفسها لتقديم الأدلة والتوجه للمحكمة. في هذا الشأن، أكد النائب البرلماني عن حمس، نعمان لعور، أن قضية رفع الحصانة البرلمانية راجع إلى أمرين اثنين، إما أن يتم إيداع طلب إلى مكتب المجلس الشعبي الوطني من قبل العدالة، ويمر الأمر على التصويت من قبل البرلمانيين لرفع الحصانة عن البرلماني، على أن يكون التصويت بالأغلبية، وإلا فلن يكون الأمر مجديا برفع الحصانة إذا لم يبلغ النصاب الأغلبية، والحالة الثانية هي أن يتقدم البرلماني بطلب رفع الحصانة البرلمانية عن نفسه بنفسه، لمتابعة قضية في العدالة أو ما شابه ذلك. وأكد القانوني عمار خبابة على صفحته في الفيسبوك، أنّ هناك ترتيبات وإجراءات لرفع الحصانة على النائب عند الاقتضاء، تبدأ بإيداع طلب رفعها من قبل وزير العدل لدى البرلمان، ويبت البرلمان في جلسة مغلقة بأغلبية أعضائه في المسألة بعد الاستماع إلى تقرير اللجنة المختصة والنائب المعني. وهكذا يتجلى، يضيف القانوني، بأن الحصانة البرلمانية تعني من جهة عدم مقاضاة النائب بالبرلمان مدنيا وجنائيا بسبب آرائه وأفكاره ونشاطه البرلماني، ومن جهة أخرى هي ضمان لقيام النائب بالبرلمان بمهمته دون خوف أو وجل، وذلك بتقييد النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية تجاه نواب البرلمان عند ارتكابهم لجنح أو جنايات، فلا تتم المتابعة إلا بإذن من البرلمان أو بتنازل من النائب نفسه، كما يجب أن يؤخذ في الحسبان، أن الحصانة البرلمانية لم تمنح لذات النائب بالمجلس الشعبي الوطني أو عضو مجلس الأمة بسبب شخصه، بل منحت لصفة النائب بسبب المهمة التي يشغلها التي تعتبر ذات طابع وطني، وتهدف إلى المساهمة في التشريع وممارسة الرقابة، وتمثيل الشعب والتعبير عن انشغالاته كما جاء في تصريح خبابة. زنيطيط السعيد