ينتظر الجزائريون بشغف كبير، سهرة الليلة، المناظرة التاريخية التي تجمع لأول مرة أبرز المترشحين لرئاسيات 2009 والتي سيبثها التلفزيون الجزائري ابتداء من الساعة التاسعة مساء على قنواته الثلاثة والقناة الأمازيغية. اختار الرئيس المترشح لمناظرته، حسب مصدر مأذون، أول امرأة عربية تترشح للرئاسة، وقبلت السيدة لويزة حنون مناظرة الرئيس شريطة الحديث عن مشروع المجتمع، كما قبل المترشح المستقل شروط زعيمة حزب العمال التي يرى فيها مثالا للمرأة الجزائرية السياسية، المناضلة وصاحبة المبادئ، في حين اعتذر عبد العزيز بوتفليقة لمرشح التيار الإسلامي جهيد يونسي صاحب المبادرة. للتذكير، فإن جهيد يونسي ألح منذ بداية الحملة في 19 مارس الماضي على طلب مناظرة الرئيس مباشرة على شاشة التلفزيون في حين قبلت السيدة حنون مناظرته عن طريق غير مباشر. الفكرة، وإن تبدو في ظاهرها مقبولة ومفاجئة مع مطلع شهر أفريل، وهو شهر المفاجآت، والأسماك والأصداف فإنها تمهد لتقليد ديمقراطي له كثير من النبل في الأداء السياسي والبعد الثقافي والأثر البيداغوجي لدى الرأي العام التواق لحوار هادئ وهادف بين رموزه وشخصياته في جزائر عانت الكثير من حوار الطرشان وحوار البنادق والعصي.. جزائر عانت الويلات جراء حوار العنف والعنف المضاد. فكيف لا يتناظر اليوم أبناء الوطن الواحد بعد عودة الأمن وعودة الاستقرار لتعود الثقة عن طريق الرأي والرأي المخالف وحرية التعبير في جو الاحترام المتبادل.. حوار يجني الجزائريون من خلاله أفكارا خلاقة ويتعلمون طرق التحاور والنقاش الديمقراطي البناء. لما لا، والجزائر المضيافة كانت ومازالت أرضا لحوار الفرقاء من كل أنحاء العالم وكل الأجناس، لما لا يتحاور الجزائريون اليوم وغدا وعند كل مناسبة مهمة فيما بينهم ليفسحوا المجال لبروز الأفكار وتجذر مبادئ وفضائل الحوار في الأجيال الحالية والقادمة، وهي أجيال فقدت طرق التعبير الحضاري وخرجوا للشوارع لقطع الطرقات، وإضرام النيران والتظاهر بعنف.. اعتنقوا الإجرام والانتحار و''الحرفة'' كأسلوب وكلها تداعيات ''الأنا السياسي'' والتطرف في الفكر والرأي... تطرف غذته الأنانيات بأنواعها والتعصب الذاتي والإيديولوجي عوض التعصب للوطن والمصلحة العامة. جميل هو الحوار الذي بنيت عليه حضارات وسمت به أمم، والأجمل أن يتحاور الجزائريون رؤساء ومرؤوسين..جميل أن يعود الجزائريون إلى جادة الحوار والمقارعة بالدليل والحجة حتى ينتفع الناس من ثقافة التحاور ومقارعة البرامج بالبرامج التي تحمل في ثناياها حسنات الحس المدني وأبجديات المواطنة والحق في المعرفة، في وقت أيقن العالم أن الوقت هو الحياة وأن المعرفة هي عصبها، فالجزائريون أيقنوا أيضا أن الصناعة والتجارة والتسيير والاقتصاد يجب أن يبنوا على المعرفة، والمعرفة هي تراكم الأفكار والأفكار البديلة وليس الاختلاف من أجل الاختلاف ولا المعارضة من أجل المعارضة ولنا في البلدان الغربية أسوة، ومناظرة المترشحين عندهم خير مثال على جميع المستويات الانتخابية، وحق لنا أن نفتخر بكون الجزائر البلد العربي السباق لتعددية جادة والحوار الراقي قبل انتشار الفضائيات بسنوات في فضاء الإعلام الهادف والموجه لبناء الإنسان والدولة. وفي انتظار تحول مناظرة الرئيس مع سيدة حزب العمال على ''بلاطو'' التلفزيون الجزائري من ''سمكة أفريل'' إلى حقيقة في سماء التعددية وتلاققح الأفكار.. نقول فليكفنا الحلم اليومف على أمل أن يكون غدنا أفضل وأكثر إشراقا.. وكل أفريل والجزائر بخير!